الحزب الاشتراكي الموحد وانتهاء المرحلة الانتقالية

الحزب الاشتراكي الموحد وانتهاء المرحلة الانتقالية

1- التأطير

بعيدا عن كل التفسيرات والتحليلات المؤامراتية، وقريبا من معطيات الوضعين السياسي والنقابي، وفي قلبهما موقع الأحزاب اليسارية الحقيقية والنقابات المناضلة، وكشفا لدور الحزب الاشتراكي الموحد في كل ذلك، تكون الضرورة ملحة والحاجة ماسة إلى بوصلة منهجية واضحة، وإنارة قيمية كشافة لكل ما يجري داخل حزبنا بصدد الانتماء النقابي لمناضلاته ومناضليه، إن على مستوى منسوب الوعي الانتمائي للحزب، أو على مستوى منطق تصنيفهم لأعداء الحزب وخصومه وحلفائه على هذه الواجهة أو تلك، ولأنه ليس هناك صداقة دائمة ولا عداوة دائمة،بل هناك مصالح دائمة كما قال تشرتشل،وما داهت مصلحة الحزب الاشتراكي الموحد الدائمة-مصلحة الشعب المغربي-هي الديمقراطية الحقيقية ودولة الحق والقانون، فإن خصوم الحزب الدائمين هم أعداء التغيير الديمقراطي ودولة المؤسسات،ومهما كانت أصولهم الحزبية والفكرية وبنفس المنطق نعي سعي خصوم الحزب بمعية حلفائهم لمحاربته ولم لا زرع المشاكل التنظيمية داخله إن أمكن.

إن خصوم الحزب الاشتراكي الموحد، يدركون جيدا، وقبل غيرهم:

-أنه أنبل حركة سياسية داخل الحقل السياسي المغربي، إذ قدم الجواب الجدري لعطب التشتت وتشرذم قوى اليسار والتغيير.

-أنه الحزبي الذي يعرف ماذا يريد ماذا لا يريد، لا يريد استمرار الاستبداد والفساد،ويريد إقامة نظام ديمقراطي على أساس الملكية البرلمانية.

-أنه الحزب الوحيد الذي انخرط كليا داخل حركة 20فبراير، وجاءت تحليلات وأطروحة مؤتمره الأخير،مستلهمة لمنطق وروح الحركة الفبرايرية أفقا للتغيير.

الخلاصة الجزئية الأولى هنا هي:إننا لا نناضل حزبيا بمنطق الآخر يريد بنا شرا، بل، منخرطون داخل صراع طبقي طاحن، فطبيعي أن تكون لخصومنا وأعدائنا طرقهم في محاربتنا.

2-تذكير

لعل مناضلات ومناضلي الحزب الاشتراكي الموحد، يتذكرون جيدا:

-ما حدث في المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، خلال مؤتمره الثاني، إذ انسحبت مجموعة من قياداته من المسؤولية، وظهر فيما بعد أنها كانت مرشحة لهيئة الإنصاف والمصالحة. ومنها قيادات منتمية لليسار الاشتراكي الموحد آنذاك.

-المخطط الإعلامي المصاحب لتأسيس( الحركة لكل الديمقراطيين) وجوهره التبشير بنهاية اليسار والفكرة اليسارية،فكان يكفي أن يطلق المرء تصريحا هنا أو هناك بانتمائه إلى اليسار السبعيني لكي تضخم صورته إعلاميا،ومنهم من كان داخل اليسار الاشتراكي الموحد.

-لقاء أطراف رسمية مع مناضلين أساسيين داخل الحزب الاشتراكي الموحد.

-الخلاصة الأساسية التي خرج بها المجلس الوطني للحزب بعيد الانتخابات التشريعية2007،ومفادها:إغلاق الحقل السياسي بأفق قطبية ثنائية 2012والمستهدف هو اليسار تحديدا.

-ما حدث يوم 13مارس 2011،إذ تم اقتحام المقر المركزي من طرف قوات الأمن ،ظاهره قمع حركة 20فبراير،وجوهره رسالة عملية للحزب خصوصا وأن المجلس الوطني كان قيد الانعقاد، ويناقش مضمون خطاب 9مارس.

-تحريك الهواتف في اتجاه برلمانيي الحزب،وقبل أن يجف مداد قرار مقاطعة الحزب للانتخابات البرلمانية، ليؤكدوا لهم أن الأبواب مفتوحة للترشح.

-حملة الساعة اليدوية للأمينة العامة وكذا لباسها،بعيد انتخابها أمينة عامة للحزب،وكان واضحا أن الأمر لا يتعلق بشخصها كنبيلة منيب،بل بصفتها السياسية،واستل آخرون سيف الفكر الذكوري لتقطيعها أشلاء للتعبير عن حقدهم للحزب ومن يمثله.

إن الخلاصة الجزئية الثانية هنا هي:هناك خطة وبنفس طويل لمواجهة الحزب وما يمثله، وهي متعددة الأساليب والآليات.

3-سياق القضية

إن سبب إيراد الفقرتين السابقتين،التأطيرية والتذكيرية،ما يعرفه الحزب من نقاش داخلي/خارجي محايث لدور أفراد من الحزب في تأسيس نقابة جديدة اسمها ك-ع-ش،والذي يحمل التباسات سياسية ،ويحيل على ارتباك نظري واضح،وينم عن تردد عملي أوضح.فأصبحت الصياغات التالية:

-ليس هناك قرار حزبي حول الانتماء النقابي لمناضليه.

-الحزب يتصرف حاليا تحت ضغوط جهات نقابية معينة.

-يدعو الحزب إلى حرية الانتماء النقابي لمناضليه.

-لم يسبق للحزب أن اتخذ قرارا تأديبيا في حق الدين تعاملوا مع الحزب الإداري.

-لم يلتزم المكتب السياسي بقرار المؤتمر القاضي بتنظيم ندوة وطنية نقابية. تلك كانت أهم الأفكار المؤطرة للسجال الداخلي الذي انطلق بعد صدور تعميم المكتب السياسي الذي وضع المؤسسين أو الملتحقين للنقابة/بالنقابة المسماة
(ك-ع-ش)بين خيارين:إما الاستقالة منها أو الطرد من الحزب.

لنأخذ تلك الأفكار واحدةواحدة:

أولا: بخصوص الفكرة الأولى إن العائد إلى وثائق الحزب -وأقول كل وثائق الحزب-سيجد-منطوقا وروحا-الأهمية التي يوليها الحزب الاشتراكي الموحد للواجهة النقابية باعتبارها رافعة من روافع النضال الديمقراطي،وبالتالي الانخراط في نضال هذه الواجهة تنظيميا وميدانيا،بل وقيادتها إن أمكن ،وأحيل هنا على مواقف الحزب من خلال مؤتمرات النقابات،والإضرابات العامة والقطاعية، والحوارات مع الحكومة لهذه النقابات،كما أحيل على حجم الحضور القيادي في المحطات النقابية،خصوصا المسيرات الوطنية.

ثانيا: وبخصوص الفكرة الثانية،والمرتبطة في جانب منها بالفكرة السابقة وجانبها الثاني متعلق بحدود التوجيه النقابي للحزب،فالعائد إلى مقررات الحزب سيجد أن القرار هو التالي:النضال في النقابات الديمقراطية،والعمل من أجل دمقرطتها داخليا،على قاعدة التمثيل النسبي في بعض الوثائق.

إن المبدأين واضحين لانتمائنا النقابي(النقابة الديمقراطية والدمقرطة الداخلية).إن النقابتين المقصودين هنا هما الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل.وهكذا تم إخراج النقابات الصفراء والإدارية من حسابنا النضالي وآخر حلقة فيها هذه المسماة ك.ع.ش.

إن الشرط الموضوعي وإرث الحزب الذي يعود إلى مرحلتين، اليسار الجديد والتي كانت مؤطرة بالأطروحة “إصلاح أم ثورة”والتي أنتجت تصورا للحزب الثوري ونقابة الطبقة العاملة،والمرحلة الثانية المؤطرة بأطروحة النضال الديمقراطي والتي أنتجت تعددية الإطار ووحدة النضال.

لكن،واثر نجاح أربع مكونات يسارية في عملية التوحد ،وانجاز الوحدة الاندماجية المتمثلة في تأسيس حزب اليسار الاشتراكي الموحد(يوليوز 2002)ووصول الاتحاد الاشتراكي الى المرحلة النهائية في انشقاق جناحه النقابي عن ك.د.ش،تبلورت قناعة لذا الجميع بضرورة تدقيق المطلوب تنظيميا من أطروحة”تعدد الإطار ووحدة النضال”،فبادر المكتب السياسي لليسار الاشتراكي الموحد إلى تنظيم ندوة وطنية لمناضلاته النقابيات ومناضليه النقابيين يوم 5دجنبر 2002 بالدار البيضاء ،والتي خلصت إلى:

-رفض الانشقاقات النقابية،باعتبارها إضعاف لجبهة الصد والمقاومة العالمية.

-معارضة العملية الانشقاقية التي قادها الاتحاد الاشتراكي آنذاك، وبالنتيجة استنكار مبادرة أعضاء من الحزب ومنهم بنعزوز،عضو المكتب السياسي آنذاك ،المتمثلة في عقد لقاء مع أعضاء من قيادة الاتحاد.

-عودة مجموعة من المناضلين إلى الكدش بعد انشقاق الجناح الخلقي عنها.

إلا أن مجموعة من مناضلي الحزب ومناضلاته لم يلتزموا بقرار اللقاء الوطني الذي صادق عليه المكتب السياسي والمجلس الوطني آنذاك،ولم يتخذ في حقهم أي إجراء ،مثلهم في ذلك مثل الرفاق الذين بادروا إلى تأسيس النقابات الفئوية المستقلة ،كما هو الشأن بالنسبة للتعليم الابتدائي . والجواب على هذا الإشكال واضح وهو أن اليسار الاشتراكي الموحد المؤسس آنذاك لوحدة اندماجية، كان محتاجا إلى فترة انتقالية -وقد طالت كثيرا- حتى تذوب كل المعالم المكوناتية السابقة،هذا من جهة،والموقف الذي كان سائدا وسط اليسار من الاتحاد الاشتراكي كان موقفا ايجابيا باعتباره قوة تقمية محسوبة على الصف الديمقراطي،والنقابة التي أسسها كانت ضمن دائرته من جهة ثانية وبقاء النقابات المستقلة،خصوصا التعليم الابتدائي -ضمن دائرة القوى الديمقراطية من جهة ثالثة.

العوامل الثلاث عقدت أمر اتخاذ قرار حاسم من هذه الانشقاقات،كل ما كان ممكنا هو أخد مسافة معقولة عنها وتحجيم تأثيرها داخل التنظيم سواء إبان وحدة 2002 أو وحدة 2005مع الحزب الاشتراكي الموحد. بخلاف الانشقاق الحالي (ك.ع.ش) والذي تنتفي منه وبشكل مطلق أي علاقة بالنضال الديمقراطي واليساري.

ثالثا-أما بخصوص النقطة الثالثة والمتعلقة بكون الحزب ينفد قرار جهة نقابية،والمقصود هنا الكدش،فالقول الفصل فيه كما يلي:

من حيث التوقيت: فان هذا النوع من الاتهامات جاءت بالتحديد بعد تأكيدالجميع من نجاحين كبيرين للحركة النقابية المغربية،نجاح للمؤتمر الخامس للكدش ،ونجاح الإضراب العام الوطني للتنسيق الثلاثي. من حيث الشكل:جاء الاتهام في صيغة الدفاع عن المعنيين بالطرد، وأن الطرد قرر في مكان آخر،وليس داخل الحزب،ودليل الاتهام هنا هو عدم معاملة هؤلاء بنفس معاملة الذين سبقوهم.والمراد حقيقة بهذه الصياغات إيقاع الوقيعة بين الحزب والكدش.

من حيث المضمون:إن الاتهام يحمل موقفا من فيدرالة اليسار الديمقراطي كخيار فكري و تنظيمي وسياسي، وأحزابه الثلاثة هي التيارات الأساس داخل الكدش والتي تشكل قاطرة الجبهة النقابية الحالية،كل ذلك،مقابل جبهة المخزنة المشكلة من المعارضة البرلمانية وجبهتها الاجتماعية من نقاباتها. رابعا:إن فكرة/ادعاء أن الحزب لم يتخذ قرار الطرد في حق الذين التحقوا أو تعاملوا مع حزب الدولة،ادعاء غريب،لأن كل المعنيين الذين سلكوا هذا المسلك قد طردوا،سواء في فروعهم أو جهاتهم،أما الذين لم يتخذ فيهم القرار فان المسألة أصبحت تحصيل حاصل ما داموا قد اختاروا مكانهم النهائي،ما هو ثابت ومؤكد،أن الحزب كان واضحا منذ الوهلة الأولى لتأسيس الحزب الإداري والى الآن.

خامسا:وعلاقة بالنقطة السابقة،هل تصح معارضة قرار المكتب السياسي بطرد المتشبثين بالبقاء في الكعش،بسبب عدم التزام الحزب بقرار تنظيم الندوة النقابية والتنظيمية؟

قطعا،لا يصح الربط بين الأمرين،لان عدم تنفيذ المقررات يتعلق بالمحاسبة والنقد داخل الإطارات الحزبية ،أما المسألة المطروحة الآن تتعلق بالبوصلة الحزبية تحليلا وأهدافا ومهاما،وهي المناقضة تماما لطبيعة الانشقاق النقابي الجديد.

والخلاصة الجزئية الثالثة مما سبق هي:إن الحزب الاشتراكي الموحد شعبي الجذور،مجتمعي الطموح،تغييري الأفق،انحاز إلى النقابات العمالية الحقيقية منذ نشأته ،ورفض/واجه كل الانشقاقات النقابية ،وعدم التزام بعض مناضليه بهذا التوجه،كان نتيجة درجة منسوب وعيهم الانتمائي للحزب وليس إلى ارتباك أو ضعف رؤيته النقابية.

4-الحزب الاشتراكي الموحد وك.د.ش:حالة تنافي.

لتطوير الموضوع والنقاش أيضا،أطرح السؤال التالي: من المستهدف من تأسيس الكعش؟

يمكن لأي متتبع للشأن السياسي والنقابي أن يطرح هذا السؤال،ويكون الجواب مرتبطا بالمعطيات والوقائع ،وتتضح الأمور،لكن حين يغيب هذا السؤال أو يحارب ويميع ويعوم،فان المسألة آنذاك مرتبطة بتعمد تغييب التناقض الرئيسي طبيعة التناقضات الثانوية،والأخطر أن يسلك هذا النهج من طرف مسئولين سياسيين ونقابيين،ونكون بالضرورة أمام قولة:”وراء الأكمة ما وراءها”.إذن لابد من صعود الأكمة حتى نرى ما وراءها،وقبل ذلك أفرغ أولا من الأمور التالية:

-أولا:الحركة التصحيحية:العائد إلى التجربة النقابية والسياسية والثقافية المغربية،فحصا وتدقيقا،لن يعثر على نموذج واحد لنجاح حملة هذا الشعار في تحقيق التصحيح الداخلي،بل،على العكس من ذلك،كان التصحيح دائما مقدمة

للانشقاق وبشكل مبتدل كما هو الشأن في الحالة النقابية التي نحن بصددها.

-ثانيا:العلاقات الإنسانية والاجتماعية:بدعة دخلت قاموسنا التواصلي الحزبي خلال السنوات الأخيرة، والمشكل في هذه البدعة أنها تحيل على شيئين اثنين هما:

حجاجي:تقدم هذه البدعة حجة ودليلا على حرية الاختلاف في التعبير و التفكير والسلوك للمناضل الحزبي لكن حين تدفع منطق هذه الحجة الى مداه ونهايته ،نكتشف تهافتها،فهي تحاول شرعنة العلاقة الاجتماعية مع عناوين محددة،وفي مرحلة التواصل،وتنسى-أو تتناسى-حتمية وصول التواصل الاجتماعي إلى التحول السياسي للعلاقة.

تبريري:إن القانون الذي تخضع له مختلف العلاقات،في الطبيعة ولذى الإنسان،هو قانون النمو والتواصل والتحول،وهذا ما خضع له بعض أصحاب بدعة العلاقات الاجتماعية،فحين انكشف المضمون السياسي لتلك العلاقات،انتقلوا من الحجاج إلى التبرير،انطلق نقابيا لكي ينتهي حزبيا ، برفع شعار الاختلاف مع الحزب وليس داخل الحزب،وتبدأ عملية سرد القضايا…….. والجوهر واحد ووحيد هو:تحولهم السياسي من ضفة الحزب الاشتراكي الموحد إلى ضفة حزب أخر وضفة أخرى.

ثالثا:من الأمور الغريبة التي سمعناها مؤخرا،هذه العبارة”إذا طلب مني الحزب الاستقالة من ك.ع.ش ، فسأستقيل”إن هذه العبارة تعني شيئا هو أن صاحبها/أصحابها لا يفرقون بين اليسار واليمين،ولا يميزون الموقف السياسي أو النقابي أو الجمعوي والذي يحتمل الخطأ والصواب عن الانخراط في مشروع أكبر من خارج الحزب،للزعيم الفتنامي هوشيمنه من قولة رائعة مؤداها”إذا اختلط عليك الأمر،تشبث بالمبادئ” وبلغة المغاربة”إذا تلفت شد لض”فكان من باب أولى وأحرى أن يستشيروا هيئتهم الحزبية قبل الانخراط في أي مشروع،أما وان انخرطوا فان الاستعداد لتقديم الاستقالة مجرد تعليق للموقف حتى يشرعن داخل الحزب إن أمكن،وإذا تعذر فسيصبح الرأي آنذاك هو:

انضبطنا لقرار الحزب من أجل توضيح صحة موقف الحزب،ولأنه لم يؤخذ برأينا فنحن أحرار.

لنعد الآن لطبيعة التناقضات المفسرة للجهات المستهدفة من وراء تأسيس الكعش.

من أفضال حركة 20 فبراير على الوضع المغربي ،أنها حددت بوضوح طرفي التناقض الرئيسي الذي يؤطر مختلف الصراعات، والذي تكثفه الديمقراطية الشاملة:سياسيا واقتصاديا وثقافيا.إن طرفي التناقض هما:حركة
20 فبراير وكل من انخرط فيها ميدانيا من جهة،والمعادين لها إن بالمحاربة والقمع أو بالتردد في اتخاذ موقف حاسم من ديناميتها من جهة ثانية.لقد جسد التناقض طبيعة هذا التناقض طبيعة الصراع الطبقي الطاحن،مصلحة الطبقات الكادحة والطبقة الوسطى (=الرؤية الفبرايرية وليس بالضرورة حضورها العددي)في التغيير الديمقراطي المتمثل في إسقاط الاستبداد والفساد وإقامة نظام الملكية البرلمانية، في مواجهة مصلحة الطبقة السائدة ومعها البورجوازية المتوسطة المساومة،في معارضة كل تغيير وتأبيد الوضع.وأخذت الدينامية الفبرايرية شكل النضال الديمقراطي السلمي بالتظاهرات والمسيرات . أفرزت التجربة الفبرايرية بعد دستور 2011 الالتفافي تطورين كبيرين:

الأول: متمثل فيما يسمى “بالمعارضة”والمشكلة من الاتحاد الاشتراكي (جناح الأستاذ إدريس لشكر) والأصالة والمعاصرة والاستقلال والاتحاد الدستوري بجناحهم الاجتماعي المسمى بالجبهة الاجتماعية. الثاني : المتمثل في فدرالية اليسار الديمقراطي المتشكل من الحزب الاشتراكي الموحد والطليعة الديمقراطي الاشتراكي والمؤتمر الوطني الاتحادي مع الجبهة النقابية المتمثلة في التنسيق النقابي الثلاثي :الكدش والفدش و ا م ش .إن اليساري والمناضل الديمقراطي الأصيل هو المنحاز بكل طاقته وبدون تردد الى المعسكر الثاني،معسكر النضال اليساري والجبهة النقابية، وقبل هؤلاء وأولائك والذين من المفترض انحيازهم للاختيار الديمقراطي،ومن باب أولى وأخرى ،مناضلات ومناضلو الحزب الاشتراكي الموحد.

كل ما يفعله نقاد الحزب الاشتراكي الموحد (من الداخل والخارج) وكذلك نقاد الكدش،أنهم ينقلون الوضعية(وضعية الإطارين) في غياب كامل وتغييب أكمل للديالكتيك ،فليس هناك عاقل يقول بعم وجود مشاكل داخل الحزب والنقابة، كل المنهج الذي نتشبث به هو:وحدة-نقد-وحدة.أصحابنا يشهرون الحلقة الثانية(=النقد)دون العودة إلى الأصل وهي الوحدة.والخلفية واضحة تبرير الانتقال إلى الضفة الأخرى،ضفة التعويم الاجتماعي والخلط السياسي.

والخلاصة الجزئية الرابعة هنا هي:تنافي التواجد بحزب يساري مع الانتماء للجبهة الاجتماعية للضفة السياسية المناقضة.

5- ما العمل نقابيا بعد انتهاء المرحلة ؟

أنطلق في بسط أفكار هدا المحور الأخير من السؤال التالي:هل كان بمقدور المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد أن يتخذ هذا القرار الحاسم قبل هذا الظرف الزمني ،أي قبل 6أو7سنوات؟؟ وأقصد هنا مختلف المكاتب السياسية المتعاقبة مند اندماج 2002.والجواب وببساطة”لا”.

والسؤال المنطقي الثاني هو:لماذا تجرأ المكتب السياسي الحالي على اتخاذ مثل هذا القرار،وفشل(أو كان سيفشل) سابقوه في نوازل مشابهة أو قريبة؟

إن الجواب تحليلي غير قطعي،واعتبر أن سلوك المكتب السياسي للحزب ( وبصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معه)يعبر من حيث الجوهر عن الانتهاء النهائي للمرحلة الانتقالية للاندماجين(2002-2005) والتي طالت كثيرا،لقد عانينا خلالها من صعوبة شروطها الذاتية والموضوعية،ويمكن القول وبدون تردد أن الذين صمدوا وما باعوا وما تحلوا وما انكسروا شجعان أخلاقيا وتنظيميا،وهذا باستحضار أخطاء بعضنا في حق بعض،وباستحضار تأثير ما قبل الاندماج على ما بعد الاندماج.

لقد ساهم الجميع -كل من موقفه-في غرس الحزب الاشتراكي الموحد في تربة الحقل السياسي المغربي وقدم الحزب اظافات حقيقية،أداء وليس ادعاء،و إلى الممارسة النضالية والنظرية السياسية المغربية،لم ينصف بالتأكيد من طرف غيره،وسيأتي يوما الحديث عن هذا قريبا ،المهم، أقول الآن حصريا أن قرار المكتب السياسي الراهن شمل من كان أو كانوا البارحة مساهما فعالا / مساهمين فعالين ونافدين في هندسة هيأت الحزب وربما قراراته.إن خضوع مثل هؤلاء لقرار المكتب السياسي يعني تنظيميا الخروج النهائي من مرحلة ودخول أخرى،مرحلة حزب القرارات والمقررات وليس حزب الرغبات والجماعات.

إن المطلوب راهنا هو الإمساك الجماعي وبقوة بروح وبجوهر قرار المكتب السياسي ، والابتعاد كلية عن شكليات تسييد الجوهر الحزبي حتى يتمكن الحزب من التخلص من الالتباسات الممكنة للمرحلة الانعطافية .

ولابد من تأكيد وبشكل محايد ما يلي:

1-إن الندوة الوطنية مطلوب صحيح ووجيه لكن وقتها غير مناسب حاليا.

2-إن الندوة الوطنية النقابية غير ذات موضوع،لأننا سنلتقي في ندوة للتنابز بالألقاب:كدشي-فدشي-امشي…..الخ. والبديل هو تأسيس انتماءاتنا النقابية تياراتيا،وقد قدم المقترح للمجلس الوطني في دورته السابقة.

3- للخروج من خلاف القطاع النسائي الحزبي المباشر او القطاع النسائي الموازي،الاستعاضة عن كل ذلك حاليا بتنظيم جامعة المساواة الثانية.

تلكم كانت رؤيتي للوضع وبكل تداعياته الحزبية،سياسيا وتنظيميا،والأهم في الموضوع برمته السعي لترسيخ تقاليد الحوار الرفاقي الهادف،بعيدا عن كل ما يعرقل مسيرة حزبنا النضالية.