“حشدت ” والنضال الشبيبي…إستلهموا المثال من جيل الحراك

“حشدت ” والنضال الشبيبي…إستلهموا المثال من جيل الحراك
محمد الصلحيوي
مقدمة…
لم يكن في وارد الحسبان، التوقف عند منعطفات مسيرة حركة الشبيبة الديموقراطية التقدمية، والنية كانت توجيه كلمة تحية نضالية للرفاق والرفيقات، وهم/ن على خطوة من المؤتمر الوطني للحركة؛إلا أن الذاكرة وسياق انعقاده،حضرا بقوة، فانتجت الورقة التالية…

1-فلسفة التأسيس:

لم تكن مسألة تأسيس حركة الشبيبة الديموقراطية(حشد MJD)بالأمر الهين والبسيط، بل، كان بعد مخاض فكري/سياسي داخل اللجنة التحضيرية التي تشكلت أوائل 1985وانتهت بعقد الندوة التأسيسية في شهر شتمبر من نفس السنة.

فقد إنطلقنا-آنذاك-من بديهية تنظيمية ونضالية تقول:لا مستقبل لتنظيم يناضل من موقع النضال الديموقراطي الراديكالي، إن لم تكن له رافعة شبيبية،وذلك إعتباراً لدور الإخيرة في أي عمل تغييري ثوري.

أتذكر أن البديهية أعلاه، لم تأخذ من النقاش الوقت الكثير،لكن، ما كان معقداً،صعب أمر الوصول إلى خلاصة فكرية وتنظيمية بصدده، هو،ماهية التنظيم الشبيبي الذي نريده؟

ثلاث معطيات كانت تتفاعل داخل اللجنة التحضيرية:

-وجود تنوع مهاراتي داخلها،إذ كانت تضم المنحدرين من التجربة الأوطمية(الإتحاد الوطني لطلبة المغرب UNEMe)، والمنحدرين من تجربة العمل الجمعوي (الثقافي والسينمائي والمسرحي).

-إختيار الكتابة الوطنية-آنذاك– إستراتيجية الإستخلاص من القدرة الميدانية العينية،عوض التوجيه التنظيمي (والذي كان سيمر بسهولة لو تقرر)وتعيينها لمشرف قار.
-ضمت اللجنة التحضيرية الذين مارسوا النضال السري،إلى،جانب الذين اربطوا بالتنظيم بعد 1982.

الوضعية السابقة كانت مصدر إغناء حقيقي،وأيضاً،مصدر صراع فكري حقيقي،خصوصاً،دور الشباب المسيس وسط الشباب المغربي في معركة دمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع.

لتسهيل أمر التقدم في النقاش، طرحنا التجارب الشبيبة المغربية وبعض التجارب الخارجية،وكانت الخلاصة هي:إستبعاد تجربة الشبيبة المغربية للتقدم والإشتراكية، فبالرغم من أهميتها، إلا أن دوغمائية حزب التقدم والإشتراكية حد من قدرتها على أن تكون نموذجاً تنظيمياً للإحتذاء؛أما تجربة الشبيبة الإتحادية،فكانت خلاصنا بصددها آنذاك، أنها حزب مصغر داخل حزب أكبر؛طبعاً كان هناك من يطرح جمعية مفتوحة…

2-التنظيم الموازي ومسألة الخصوصية…

باستبعاد خياري التنظيم الشبيبي الداخلي،والتنظيم الجمعوي المفتوح،كان هناك الخيار الثالث، خيار التنظيم الموازي؛كنا مباشرة في قلب أطروحة أنطونيو غرامشي(من مكر التاريخ أن يجد مؤتمر حشدت السابع نفسه في قلب نفس الأطروحة، وبإغناءاتها اللاحقة،في ظل ظرفية الحراك الشعبي بالريف وجرادة)،والذي شكل الضلع الثالث للماركسية، فماركس ركز على الرأسمال، ولينين على التنظيم،وغرامشي على المعرفة؛ فقد كان،في سياق بلوزته لمفهوم”الكتلة التاريخية” 1926، مجبراً على التأكيد أن القوى الثورية ستقع في براثن خطرين إثنين مهلكين، إن كان هدفها السيطرة على السلطة في غياب “عقل” المجتمع”مفهوم الهيمنة”، وهما:العدمية والضعف السياسي،

وبناء على ذلك،أقام غرامشي تقابلاً بين إستراتيجيتين:
-الحرب المتحركة، ويقصد بها القرار السياسي أولاً، وبعد ذلك تغيير ذهنية المجتمع.

-حرب المواقع، ويقصد بها أن التغيير لن يحدث إلا بهيمنة فكرة التغيير، وترسخها في الذهنية المجتمعية.وقد تبنى الطرح الثاني.

تبنينا،مع غرامشي هذه الأطروحة بصيغة”صراع الواجهات”أي تحريك كل الواجهات والنضال على مستواها فالواجهة الشبيبية من بين اهم تلك الواجهات، بالإضافة إلى النسائية والفنية والرياضية.

كان مفهوم”الخصوصية” هو محدد الفعل الشبيبي(لم يكن مفهوم النوع قد انتشر كما هو الحال اليوم).وخصوصية المسألة الشبيبية هي التي قادتنا إلى قرار تأسيس تنظيم شبيبي موازي، مستقل تنظيمياً في مجاله،أي في خصوصيته،وتابع فكريا وسياسيا للتنظيم الحزبي،والتبعية هنا تعني ان الخط السياسي والفكري للحزب هو بوصلة حركة الشبيبة الديموقراطية باعتبارها رافعة من روافع النضال الديمقراطي.

3-في المسار…

هناك ثلاث ظرفيات،كانت فيها حركة الشبيبة الديموقراطية مميزة بخطابها الشبيبي النضالي، صعوداً ونزولاً،بحسب الشروط الميدانية والذاتية، هي:

-ظرفية1985-1996…
إتسمت بالمزاوجة بين الحضور في الفضاء العام كفاعل ومنتج لمختلف أنواع الإنتاج الإبداعي والفني الملتزم،ومابين،الحضور التعبوي دفاعاً عن قضايا الشعب،
أذكر هنا حضور حشد الفعال في عريضة المليون توقيع من أجل تغيير مدونة الأحوال الشخصية 1991،والدفاع عن العراق ورفضاً العدوان.

-ظرفية1996-2004…
إتسمت هذه الظرفية بانشقاق 1996،الذي كان مؤلماً،إذ كنا، ونحن أعضاء المكتب الوطني وأقل من عدد أصابع اليد والرافضين لمنصة أوطيل حسان، ملزمون بالتحرك والسرعة القصوى لتأمين عدم جر حشد لإختيار مناقض لإختيارها، ونجحنا في ذلك.وكانت اللحظة الإندماجية، وولادة حشدث MJDP ولادة متجددة لعنفوان شباب اليسار الجديد، وبكل مخاض الولادة المتجددة، كان الحلم كبيراً فعلاً.

-ظرفية2004-2016…
إتسمت هذه الظرفية بالسي لة السريعة للحدث الإجتماعي والسياسي. وبطفرة مخدومة في عموما لما يسمى بالمجتمع المدني،وبحيازة قوية لخطاب الأصولية للفضاء العام،ما انتج انحساراً لمضمون رافعتنا الشبيبية وبكل إشكالات الإنحسار طبعاً…

4-ظرفية مؤتمر حشدت السابع…
لا مراء في أن المؤتمر ينعقد في سياق الظرفية التي أطلقها الحراك الشعبي،ونموذجه الأرقى بالريف؛ولا مراء أيضاً،أن الحراك الشعبي بالريف يشكل محطة فارقة بين مغرب ماقبل، ومغرب مابعد الحراك،قادم يتشكل في أعماق المجتمع؛ولأن الشباب هو الأسرع في تمثل وتشرب الجديد التغيير،فالمؤتمر السابع يوجد وجهاً لوجه أمام تحدي القراءة الواقعية والديموقراطية لرسالة الحراك الشعبي التي أودعها لدى شابات وشباب الوطن،موقعك بمعاناة والصمود البولي لقيادة الحراك الشابة،مضمونها:شركاء في الوطن، ويجب أن نكون شركاء في تاريخه وذاكرت الجماعية،وكذا، في عدالته الإجتماعية والمجالية.

إن تعامل المؤتمر مع رسالة/درس الحراك هو المحدد بالتأكيد نتائج المؤتمر وأفقه القادم.
إن تعامل المؤتمر مع درس الحراك هو محدد التحالفات الشبيبية،فالجدل يغير الشيئ إلى نقيضه؛منطق قراءة رسالة الحراك تحدد نوع الجواب على سؤال تجديد النخب الشبيبية والحزبي والشعبية؛نوعية قراءة درس الحراك ستحدد اللغة التداولية،وتسمية الأشياء بمسمياتها؛هل هو خراك شعبي تاريخي ام مجرد حراكات شعبية معومة في قوس فتح وسيغلق.

قلت سابقاً،آن التاريخ ماكر، لنلاحظ وبدقة خط الحراك الشعبي بالريف الثالث، والرفض من جهة للراديكالية اللفظوية، وللمخزن ولعصية من جهة ثانية.

أليست حركة الشبيبة الديموقراطية التقدمية سليلة هذا التوجه الحراكي؟
إستلهموا في الجواب نموذج جيل الحراك…