حول العمل الشرعي : ما هي سمات ومهام فترة الانتقال ؟ – منظمة 23 مارس

حول العمل الشرعي : ما هي سمات ومهام فترة الانتقال ؟ – منظمة 23 مارس

منذ أن طرحت علينا المستجدات السياسية تحديد موقف واضح من مسألة العمل الشرعي، وبعدما تجمعت لدينا مجموعة من المؤشرات الأولية التي تنبئ بإمكانية الانتقال إلى مرحلة جديدة في عملنا الثوري… منذئد ونحن نناقش ونقلب موضوع العمل الشرعي من جميع جوانبه محاولة منا لفهم كل أبعاده وانعكاساته على تطورنا وتطور مجموع الحركة الثورية والديمقراطية ببلادنا.

لقد وضعنا على أنفسنا مجموعة من الأسئلة، كان أهمها :

1 – كيف عالجت الماركسية والأحزاب الثورية هذه المسألة ؟

2 – هل يسمح الوضع الراهن واحتمالات تطوره بإمكانية العمل الشرعي الثوري ؟ وهل يفرض علينا ذلك بعض التنازلات ؟

3 – أين نضع هذه الخطوة في شروط تطورنا الخاص، وفي مجموع عملية بناء الحزب الثوري ؟

4 – ما هي سمات ومهام فترة الانتقال ؟

وعلى هذه الأسئلة التي طرحناها، ويطرحها العديد من الرفاق سنحاول أن ندلي بوجهة نظرنا بصورة مركزة وشاملة كلما أمكن.

4 – ما هي سمات ومهام فترة الانتقال ؟

تطبيقا وتدعيما لهذا التوجه، قررت منظمتنا مجموعة من الإجراءات الفورية، وحددت بعض المهام الضرورية التي علينا إنجازها في الفترة القريبة :

أولا : إجراءات فورية :

* دخول كل الرفاق المتابعين والمحكومين في الخارج (إلى الوطن)

* تفويض صلاحيات ل.م. للمكتب السياسي.

* تجميد عمل المنظمة السري

ثانيا : أطر ضرورية في الفترة القريبة

* إجراء حوار واسع مع أوسع أطر اليسار بهدف كسبهم لخطنا ولمنظمتنا.

* تقوية دور الجريدة بتقريب دوريتها وتحسين مستواها السياسي والدعائي.

* استكمال مهمة البرنامج ثم وضع الصيغة النهائية لبرنامجنا العام.

* توسيع تيارنا ”الديمقراطي“ في القطاعات الجماهيرية الأخرى.

من مجموع هذه النقط، نرى من الضروري الوقوف عند واحدة منها، نظرا لأهميتها القصوى، وما قد تثيره من أسئلة. وهي النقطة الثالثة المتعلقة ”بتجميد عمل المنظمة السري“ :

تسهيلا لنضالنا من أجل الشرعية، ولتطوير وضعنا الراهن الذي هو أقرب إلى وضعية ”طوليري“ منه إلى منظمة سرية ممنوعة، قررت الهيئات المركزية تجميد كل تحرك جماهيري، وبأي شكل من الأشكال، باسم المنظمة السرية، مع توسيع وتنويع كل أشكال تحركها الشرعي. وهذا يعني أن هياكل المنظمة ستستمر في عملها التنظيمي الداخلي كما كانت في السابق… لكنها ستكف عن التحرك خارجيا بالأشكال والأساليب السرية… وسنكتفي جماهيريا بالوسائل الدعائية والتنظيمية والتعبوية الشرعية التي تملكها أو التي ستعمل على امتلاكها. إن موقفنا هذا ليس بالإجراء المؤقت وحسب، بل هو تصور عام لأسلوب عملنا في كل المرحلة المقبلة، وحتى في ظل العمل الشرعي الكامل.

صحيح أن الثوريين في البلدان التي يستحيل فيها قيام ديمقراطية حقيقية لأسباب اجتماعية-اقتصادية-وسياسية لا يتخلون عن بعض أشكال العمل السري الأول، وهو ما نسميه بالازدواجية التنظيمية و”السياسية“. وهو ما نحن ضده على طول الخط. والثاني وهو الإجراءات التنظيمية الاحتياطية التي يتخذها التنظيم في مواجهة حملات القمع المحتملة.

إن العمل الشرعي في الأسلوب الأول عمل موازي وثانوي بالنسبة للعمل السري. ومن البديهي أن هذه الطريقة في العمل تفرضها شروط المرحلة السياسية، واختيارات التنظيم التكنيكية والاستراتيجية في ارتباط مع واقع الحركة الجماهيرية ومع مقدار الهامش الشرعي المسموح به، ومع الأهداف السياسية التي يبتغيها التنظيم من المرحلة نفسها. ولسنا بحاجة أن نعيد من جديد كل ما قلناه عن طبيعة عملنا الديمقراطي في هذه المرحلة، ولا عن مقدار الهامش الذي يمكن أن نستفيد منه ولا عن واقع الحركة الجماهيرية النضالي في هذه الفترة.

إننا لن نكون بحاجة إلى تنظيم سري موازي، إذ ليست لنا في المرحلة أهداف سياسية أخرى موازية أو فوق الأهداف الديمقراطية عينها التي حددناها في برنامجنا السياسي المرحلي. كما أننا لن نكون بحاجة إلى عمل التنظيم السري ليستكمل ما يعجز عن عمله التنظيم الشرعي حسب الصيغة اللينينية في التجربة الروسية، حيث يقوم التنظيم الشرعي في حقل الدعاية والتحريض بـ : أ و ب وسيكتمل التنظيم السري ب. و.ج… إلخ. إن طبيعة العمل الديمقراطي الذي نمارسه في هذه المرحلة، والذي يشكل خاصيتها كما أسلفنا القول، وتقديرنا لأهمية الهامش الليبرالي المسموح به في ظل الأوضاع الراهنة، وحتى في احتمالات تطورها، يسمحان لنا بالاستنتاج بأن إمكانية العمل الدعائي والتحريضي واسعة دون الحاجة إلى هذا التكتيك المزدوج ولو في ضمن شروط المواجهة وحملات القمع الممكنة. وهذا لا يعني أننا لا نتصور إطلاقا إمكانية العودة إلى العمل السري إذا فرضته علينا شروط أخرى وبالأخص منها حملات قمع شديدة استهدفت القضاء علينا وإزالة الطابع الشرعي عنا، أو إزالة الطابع شبه الشرعي المسموح به من الآن… ولكننا نعتقد أن هذا الاحتمال سيحتاج في كل الأحوال إلى فترة من الزمان علينا أن نستغلها إلى أقصى درجة، ومهما قصرت في تعميق وجودنا في صفوف الجماهير التي هي المنبع الأول والأخير لاستمرارنا. وسيكون علينا بالضرورة، تحسبا لمثل هذه الشروط، أن نتخذ في الوقت المناسب الإجراءات التنظيمية الاحتياطية الكفيلة بضمان الحد الأدنى من الاستمرارية للمنظمة في حالة تعرضها لحملات الإجتثات.

* * *

إن ملامح مرحلة جديدة ونوعية ترتسم أمامنا :

– فالهياكل القيادية للمنظمة ستتحول في وقت وجيز إلى الداخل، بكل ما سيعطيه ذلك من نتائج تنظيمية، ومن سرعة في المبادرة، ومن انعكاسات على اهتمامات المنظمة وعلى صلاتها بالحركة الجماهيرية. هذا بالإضافة إلى مجموعة من الكوادر التي سيفرج عنها من السجن، أو التي توجد خارجه، والتي سنطعم بها تنظيمنا في جميع مجالات نشاطاته.

– ثم أننا ننطلق سياسيا من وضعية شبه شرعية ”طوليري“ كسبناها عبر سلوكنا السياسي في المرحلة الأخيرة، ومن المبادرات التي أقدمنا عليها في المجال الجماهيري والدعائي. إن هذا الوضع يساعدنا كثيرا ففي التحول إلى العمل الشرعي ؛ وحتى لو تأخر هذا التحول للعمل الشرعي الكامل، فهو على كل حال يعطينا مجالا واسعا لتعزيز نفوذ المنظمة في قطاعات جماهيرية متعددة ويسمح لنا بشروط أفضل في العمل. ثم إن هذا الوضع يسمح لنا أيضا بانتزاع زمام المبادرة داخل الحركة الماركسية واستقطاب أفضل أطرها وإمكانياتها، ويسمح لنا بإنجاز مهمة البرنامج في شروط أفضل من ناحية الأطر ومن ناحية الموقع السياسي والتنظيمي الذي نتحرك منه.

إن الصعوبة الكبرى التي ستواجهنا هي في ضعف إمكانياتنا الذاتية بالمقارنة مع ما سيتطلبه العمل الشرعي من طاقات ومن تنوع في الكفاءات، خاصة إذا وقف منا تيار الحركة الماركسية ”ومعظم أطرها على الأخص“ موقفا سلبيا، ولو لمرحلة… لذلك فإن إقناع أطر الحركة، ومحاولة كسب التيار لصالحنا هي من أهم المهام المطروحة علينا وأصعبها. كذلك من الضروري في هذه الحالة أن يكون توقيتنا للإقدام على الرخصة القانونية مختارا بعناية مراعين في ذلك أفضل الشروط من حيث الوضعية الذاتية واستعدادات تيارنا الجماهيري.

ولا يفوتنا هنا أن نسجل حاجاتنا الكبرى التي ستزداد إلى دعم القوى الديمقراطية العربية والعالمية. وإلى السلوك الدقيق والإيجابي الذي يجب أن نتعامل به مع القوى الديمقراطية المغربية في فترة الانتقال. ذلك أن من مصلحتنا كل المصلحة أن نقبب من حجم الصعوبات كلما أمكن. وليس من المستبعد أن يثير توجهنا هذا لدى القوى الديمقراطية مجموعة من ردود الفعل السلبية التي علينا أن لا ننساق معها وأن نحسن ”تبريدها“ وتجنبها، مؤكدين دائما على الوحدة في النضال والهدف.

هذا باختصار ما نود التأكد عليه في هذه النقطة… ولقد تركنا الباقي إلى النقاش الشفوي، إما لوضوحه وإما لأنه يدخل ضمن التفاصيل العملية التي لا حاجة لنا بها في هذا التعميم.