في البيان السياسي الصادر عن الدورة الثانية للمجلس الوطني، دورة الفقيد محجوبي عبد الحميد، للحزب الاشتراكي الموحد المنعقدة مؤخرا بالدار البيضاء، تمت إعادة التأكيد على أن ” حل المعضلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لمغرب اليوم يتطلب إصلاحات حقيقية في مقدمتها إصلاحات دستورية وسياسية كفيلة بتطوير نظام الحكم باتجاه ملكية برلمانية”.
ومما يعزز صحة ومصداقية هذا الاختيار السياسي الديمقراطي هو الاوضاع الداخلية لبلادنا في مختلف المستويات والتي مانفكت تتدهور رغم الخطابات الديماغوجية الرسمية، بالإضافة الى التأثير القوي للوضع الاقليمي والدولي على وطننا الذي غالبا ما يكون منفعلا به لا فاعلا فيه، جراء الضغوطات والارتباطات المصلحية الفاقدة لأي أفق في زمن العولمة الليبرالية المتوحشة.
وبالتالي، فإن إصلاح النظام السياسي ببلادنا، وكما يؤكد ذلك بيان المجلس الوطني، هو ” مدخل لا محيد” لضمان انتقال بلادنا الى ” مرحلة الديمقراطية والتقدم والتنمية والمواطنة” الفعلية، فحصيلة خمسين سنة من الاستقلال لا تقودنا الى هذه الخلاصة السياسية التي تترجم الاختيار السياسي والديمقراطي للحزب الاشتراكي الموحد.
لهذا فإن إصلاح نظام الحكم، والذي يعني دمقرطته وتحديثه بالأساس، يقتضي إصلاح الدستور بما يضمن فصل حقيقي للسلط : التنفيذية، التشريعية والقضائية. ويجعل من كل سلطة تمتلك ما يكفي من الاختصاصات والصلاحيات للقيام بدورها على أحسن وجه ويمكِّن من مراقبتها ومحاسبتها ومساءلتها على ما قدمت وما أخرت، وإجمالا على حصيلتها.
ولأنه لا نقاش أصبح اليوم مطروحا حول طبيعة نظام الحكم ببلادنا، لان هذا النقاش حسم تاريخيا، لكن النظام الملكي، وفي إطار عملية إصلاح النظام السياسي التي نطالب بها ونناضل من أجل تحققها كيساريين، الى جانب تجمع اليسار الديمقراطي وكل القوى الديمقراطية الحية ببلادنا، ينبغي أن يتحول الى نظام ملكية برلمانية كاختيار يدخل في صميم الديمقراطية والتحديث ويمكن بلادنا من الانتقال الديمقراطي الفعلي، وذلك غير ممكن بدون إصلاح دستوري يمكن، او على الاقل يمهد لذلك، بإعادة الاعتبار للمؤسسات الدستورية ( الحكومة – البرلمان- والقضاء) حتى تصبح المراقبة والمحاسبة ممكنة.. وهو ما يعني إعادة السيادة للشعب لأنه لا ديمقراطية بدون سيادة الشعب وهو الشعار الذي رفعه الملتقى الثاني لتجمع اليسار الديمقراطي في اجتماعه الاخير.
ومن ثمة، وكما ألح على ذلك بيان المجلس الوطني للحزب في دورته الثانية، على القيادة السياسية للحزب الاشتراكي الموحد أن تضع ” أولوية تغيير الدستور ضمن الاجندات السياسية المغربية” في إطار الاختيار السياسي الديمقراطي للحزب الهادف الى تحقيق الملكية البرلمانية ببلادنا وفي ذلك مصلحة الوطن والملكية نفسها.