البيئة مفهوم متداخل مع العديد من المواضيع، وله تقاطعات كثيرة مع التكنولوجيا والعلوم الحقة ، وكذلك العلوم الإنسانية. في البدء، نفهم تفاعلات الطبيعة والقوانين المتحكمة فيها ومن ثَمَّ ندرس الإنسان كذات في علاقته بالبيئة وذلك في مجمل تمظهرات التأثير والتأثر.
لذلك سأتطرق فقط في هذا الموضوع إلى كيفية تدبير النفايات المنزلية والتي تعتبر أيضا من بين أسباب التلوث، وكيف يمكن للشركة المكلفة بتدبير القطاع أن تحمي عمال النظافة من الأمراض، نظرا لأنهم في تلامس مباشر مع النفايات.
إن تدبير النفايات يتم عبر جمعها، نقلها، معالجتها وتثمينها ثم التخلص منها بالطريقة والمعايير التي لا تسمح في أن تتسبب في ضرر للمواطن.
وتعتبر النفايات المنزلية والنفايات المماثلة لها هي كل النفايات المتبقية عن نشاط استهلاكي أو تجاري في المنزل وخارجه من ذلك: (بقايا الغذاء أثناء الإعداد وبعد تناوله، البلاستيك، الزجاج، الأليمنيوم والنسيج…) وحسب القانون 28:00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها فقد جاء في المادة الأولى منه أن الهدف من إحداث هذا القانون هو وقاية صحة الإنسان والوحيش و النبات والمياه والهواء والأنظمة البيئية من الآثار الضارة للنفايات.
إن الهدف هنا هو وقاية المواطن، بالإضافة إلى تثمين النفايات بطرق مختلفة وتحويلها إلى طاقة أو مادة نعيد تدويرها واستعمالها. وهنا يجب أن نستحضر أيضا أن الشركة المفوض لها تدبير هذا القطاع من قبل الجماعات أو هيئاتها، يسري عليها هذا القانون كما جاء في القسم الثاني المتعلق بتدبير النفايات المنزلية. طبعا يجب أن لا ننسى أن وقاية المواطن وحماية البيئة من قبل الشركة لهو أمر أساسي، حيث يمكن اعتبار تعامل الشركة وتفاعلها مع عمال النظافة هو انعكاس لسياسة الشركة في حماية المواطن و البيئة نظرا لأن عمال نظافة لهم دور فعال في وقاية الساكنة من مخاطر التلوث وانعكاساته على حياتهم،
لكن، إن لم توفر الشركة في المقابل شروط الوقاية للعمال أنفسهم كيف يمكن للشركة حماية المواطن؟. ونظرا لعمل هؤلاء في شروط قاسية، وغياب أدنى شروط الحماية نظرا لأن تكلفة المعدات جد مرتفعة، فإن الشركة لا تريد أن ينعكس ذلك على أرباحها. من هنا، يمكن طرح السؤال التالي: هل الشركات المفوض لها تدبير المرفق هدفها حماية البيئة أم تحقيق الأرباح؟.
ونظرا إلى أن النفايات تنقسم إلى (غازات، سوائل، صلب) فحماية عامل النظافة من الغازات يتطلب منه وضع قناع خاص، ومن السوائل عليه ارتداء ملابس وقفازات مناسبة والأهم هو المتابعة الطبية والإجراءات الوقائية. وفي غياب هذه الشروط نكون قد وضعنا حياة عمال النظافة في خطر، نظرا للوسط غير الآمن.
يتوجب إذن، على الجماعات وهيئاتها التي فوضت هذا القطاع أن تقوم بدورها في حماية المواطن وليس في رعاية أرباح الشركة. كما أن المواطن ملقى على عاتقه الاهتمام بالوسط الذي يعيش فيه والطريقة التي يستطيع من خلالها التخلص من النفايات من المنبع. وهنا يمكننا أن نتساءل عن دور التنشئة الاجتماعية الحديثة في لعب هذا الدور الأساسي والذي يتمثل في تحفيز دور الشباب في خلق البديل؛ الابتكار العلمي والتكنولوجي لإيجاد حلول جادة. لكن، للأسف لا توجد إرادة حقيقية من قبل النخبة الحاكمة و ذلك يتبين من خلال تبني مفهوم البيئة في الخطاب بينما الممارسة مختلفة تماما على ما يتم الترويج له .
أويس بحاج