لقد بات السودان على اعتاب انتقال ديموقراطي نوعي صنعته ارادة الشعب الذي استرد المبادرة السياسية والنضالية ليطيح باعتى للدكتاتوريات قمعا وترهيبا وفسادا من خلال التغول في المقاربة الامنية الضيقة التي لايهما الابقاء النظام واستبداده ومصالحه ،ضدا على طموحان الشعب في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وهذا المسار جاء تتويجا للانتفاضات الشعبية السابقة التي كانت تاتي بحكم مدني وتجعل الجيش ينحني امام العاصفة ويعمل علي تدبير تنقضاته ويتحين الفرص للانقضاض على السلطة من جديد مع ما يرافق ذلك من اضطها وتنكيل وانتقام.
اما الان فالوضع مختلف لانه ياتي في سياق ظرفية سياسية وتاريخية تتميز بما فتحته انتفاضات الربيع العربي من افاق للتحولات السياسية الكبرى، رغم تكالب قوى الثورة المضادة والرجعية العربية والامبريالية ولوبيات فساد النظام القديم المعششة في الاجهزة ودواليب الدولة.
غير ان القيادة السودانية الحالية لقوى الثورة والتغيير استفادت من تراكم الارث النضالي ومناورات العسكر وقد استوعبت الدرس جيدا وشكلت لذلك قيادة وطنية حازمة . وتستند على محورين اساسيين. يتمثل الاول في تنظيم الشعب وتعبءته وتوعيته ووعيه بمصالحه واطلاق طاقاته النضالية. وثانيا بناء رؤية سياسية تقود برنامجا للتحو الديموقراطي لبناء الدولة الديموقراطية المدنية الذي يكون فيها الشعب مصدر السيادة والسلطة ويتم فيها التداول على السلطة بشكل سلمي وحضاري.
لقد اصبح هذا التحول الان في الامكان السياسي والواقعي، وايضا ضمن الممكن التاريخي متساوقا مع النزوع التاريخي المهيمن على المنطقة والمتنثل في التحرر والانعتاق وتحرير الدولة والمحتمع من الاستبداد والفساد وبناء ديموقراطية حقيقية . لذلك اصبح من الضروري حسم ازدواحية السلطة من طرف قوى الثورة والتغيير وارجاع العسكر الى ثكناته في الدفاع عن الوطن ، عوض اغتصاب السلطة والمشروع الوطني التحرري . فلقد نضجت التناقضات واي تنازل سيعيد المبادرة لقوى الثورة المضادة المتخفية وراء العسكر.
والشواهد في التاريخ على ذلك كثيرة وعلى سبيل المثال لا الحصر التجربة المصرية. وتجربة الحركة الوطنية المغربية التي لوتوفرت لها الرؤية السياسية لحسمت ازدواجية السلطة لصالحها سنة 1958 لان ميزان القوى لصالحها ، ولعرف تاريخ المغرب مسارا اخر. والنصر حليف الشعوب رغم الاكراهات والصعوبات الشاقة .