المغاربة البؤساء.

المغاربة البؤساء.
المغاربة البؤساء.

من الأمور التي أصبحت تثير الاهتمام في زمن هذه الحكومة الرديئة(حكومة الواجهة طبعا) نجد تلك التقارير التي تصدرها مؤسسات ومعاهد دولية حول قضايا ومجالات مختلفة، كالرشوة، حقوق الإنسان، السعادة… إلخ. والمثير في نتائج هذه التقارير أنها تصنف المغرب دائما في مؤخرة الترتيب، إلى درجة توحي بأن كل شيء في هذا البلد “السعيد” متوقف في مكانه، إن لم نقل أن كل شيء يسير إلى الوراء.

   مؤخرا أصدر مؤشر “غالوب هيلث واي” الدولي تقريره السنوي حول السعادة، فكان المغرب وفيا لموقعه، حيث حل في المرتبة 115 من بين 145 بلدا، مما بين أن المغاربة أكثر تعاسة وبؤسا مقارنة ببعض الشعوب التي تعيش حروبا طاحنة مثل العراق، سوريا، فلسطين… لذلك ينبغي على هذه الحكومة أن تستغل هذا الشهر المبارك لتحمد الله على موت “فيكتور هيجو” الذي كان سيؤلف عشرات الروايات لوصف بؤس المغاربة لو قُدِّر له العيش معنا في هذا الوطن البئيس.

   والجدير بالملاحظة هو أن التقرير توصل إلى أن أهم أسباب سعادة الشعوب وجود حكومة تحارب الفساد ومجتمع يتمتع فيه الأفراد بالكرامة والحرية، فلا غرابة إذن أن يكون جل المغاربة بؤساء، مع استثناء البعض طبعا لأنهم سبب هذا البؤس المستشري بيننا، ما دام أن “لالة حكومة” تطبع مع الفساد وتتعايش معه وفق شعار: “عفا الله عما سلف” المؤطر للسياسة البنكيرانية منذ البداية.

   قديما اعتبر الفلاسفة اليونان أن غاية الممارسة السياسية هي تخليق الحياة العامة وجعل الناس سعداء في حياتهم، فالسعادة هي غاية الغايات التي يطمح إليها الجميع، ومنه فلا يمكن للشعب أن يكون سعيدا إذا كانت السياسة فاسدة، وهذا يعني أن المدخل الأساسي لتحقيق سعادة الشعب وتقدمه هو التأسيس لممارسة سياسية تسعى دائما إلى محاربة الفساد والمفسدين لبناء مجتمع قائم على أسس المساواة، الكرامة، الحرية وكل القيم الديمقراطية. فهذا الفيلسوف الإنجليزي “برتراند راسل” في كتابه”السلطة والفرد” يقول: «إننا لا نستطيع خلق عالم متقدم عن طريق تخويف الناس وإذلالهم، بل عن طريق تشجيعهم وتربيتهم على الاعتزاز بحرياتهم الفردية» وفي موضع آخر يقول: «لا يمكن أن يكون الناس سعداء في مجتمع لا يسمح للفرد بحرية العمل والتفكير».

   من هذا المنطلق نستطيع القول أن المغاربة لن يكونوا سعداء إلا بوجود دولة الديمقراطية التي تضمن حقوق الناس وحرياتهم وتوفر لهم العيش الكريم، وليس بنشر “الفكر الداعشي” الذي يريد تحنيط الحياة والنظر إلى كل شيء بمنظار الموت، فكيف سنكون سعداء في دولة تحاكم الناس على طريقة لباسهم ؟