خلال تقديمه للحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، تحدث سعد الدين العثماني بلغة الأرقام و استعان بالعديد من الإحصائيات ليقدم الدليل و البرهان على نجاح تجربته على رأس الحكومة. و في هذا الصدد، أعتقد أن الفاعل السياسي أصبح ينسى أو يتناسى بأن الأهم ليس هو معرفة ما هي حالة نسبة النمو و لكن هي معرفة حالة المواطنات والمواطنين. الفجوة القائمة بين الخطاب السياسي للحكومات المتعاقبة و بين الحياة اليومية للمواطنين أدت إلى العزوف السياسي و إلى رفض الممارسة السياسية. و هذا يعتبر سماً قاتلاً بالنسبة للديمقراطية، إذ أنه لا يمكن بناء الديمقراطية بدون مشاركة القوى الشعبية بكل أطيافها.
المواطنون و الدولة لا يتحدثون نفس اللغة، فبينما يتكلم المسؤول عن الإنجازات و عن خفض نسبة عجز الميزانية و عن ما يسمى إصلاحات اقتصادية، يلاحظ المواطن المغربي بأن وضعيته لم تتغير و في غالب الأحيان تدهورت.
وبالتالي فالسؤال المطروح هو: هل المواطن المغربي لا يفهم ما يجري في الاقتصاد أم أن الأرقام و المؤشرات المستعملة من طرف الجهات الرسمية غير صالحة و لا تعكس الواقع المعاش؟
من الجيد أن نهتم بالمالية العمومية، بالرفع من الاحتياطي النقدي و بمعدلات النمو. و لكن سيكون من الأفضل الاهتمام بالفوارق الاجتماعية و المجالية عبر توزيع عادل للثروة. كما سيكون من الأفضل كذلك الاهتمام بالتعليم و الصحة عبر الرفع من الميزانية المخصصة لهذه القطاعات. ولكن الأهم من هذا و ذاك الإنصات لنبض الشارع و المساهمة في خفض درجة الاحتقان، لأن حجم الاحتجاجات الشعبية التي يعرفها المغرب في السنوات الأخيرة هي التي تعكس، في الحقيقة، حصيلة الحكومة.