اليوم وفي هذه اللحظة وارينا جثمان عزيز علينا أستأذن روحك الطاهرة أستأذن جسدك النقي الذي ووري التراب هذه اللحظة وقبل روحك وجسدك أستأذن أطفالك الثلاثة؛ لنتقدم باسم حزبك الاشتراكي الموحد بتعازينا إزاء هذا المصاب الجلل، لكل من ربطتك بهم علاقة في زمنك منذ يوم ولدت حتى صباح يوم الأربعاء 9 نونبر 2005، حيث أعلنت على غير عادتك، ودون إعلان مسبق وداعك الأخير لنا جميعا، – تعازينا الحارة والصادقة إلى أمك الفاضلة، أمنا جميعا، – تعازينا الحارة إلى إخوتك… – تعازينا إلى زوجتك السيدة أمينة – تعازينا إلى أبنائك الثلاثة – تعازينا إلى أصدقائك وأحبائك ورفاقك، أينما كانوا، تعازينا إلى اهلك وذويك ومواطني جماعة العرجان البسيطة، وسائر إقليم بولمان – تعازينا إلى رفاقك في حزب الاشتراكي الموحد باسم المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، وباسم كافة مناضلات ومناضلي الحزب نعلن اليوم فقدان أحد رجالات المشروع اليساري الكبير، افتقدنا فيك رفيقي: حميد الإنسان حميد المناضل حميد المواطن حميد اليساري كيف لكل من عاشرك، رفاق وإخوة وأصدقاء، أن ينسوا حميد الحنون إلى درجة الضعف حميد البريء ، براءة الطفل حميد السموح درجة البراءة حميد الطاهر درجة الملاك أبدا لن ننسى فيك حميد الإنسان كيف لكل من عاشرك، إخوة ورفاق وأصدقاء، أن ينسى حميد المناضل بشرى لك أيها الشاب الحنون الطاهر البريء السموح أن نعترف لك اليوم، ودائما، بهذا البوح الرفاقي. ننعي اليوم باسم المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد، أحد رجالات المشروع اليساري الاشتراكي الذي نفتقده ويفتقده معنا الشعب المغربي في أوج وأبهى لحظات عطائه، ننعيك اليوم ونحن نستحضر خصالك وتضحياتك، مسيرة حياتك علامات مضيئة على عنفوان جيل، واندفاع جيل، وأحلام جيل، وإصرار ووفاء. يعرفك أهلك وذووك تلميذا نجيبا، مجدا، طموحا، متسائلا، متجددا على الدوام، تترك بصماتك أينما حللت وارتحلت، مضيئة مشعة وعنفوانية، في ساحات المدارس والثانويات وفي قلب الجامعة.. ننعيك اليوم ونحن نستحضر ماضيك ومساهماتك في الحركة التلاميذية وفي إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، كثيرون اليوم يتناسون جامعة الثمانينيات حيث الممانعة وحيث الصوت الوحيد الخارج عن الإجماع، وحيث الكفاح والتضامن، والنضال والتضحية بدون حدود عملة، كنت في الجامعة مناضلا حين كان الصوت المرفوع داخل الحرم الجامعي يؤدي مباشرة إلى المعتقلات والاضطهاد والاستشهاد، وأديت ضريبة الوطن والمواطنة: خمس(5) سنوات من شبابك بسجون الوطن الذي يراد له أن ينسى بسرعة ويطوي صفحاته دون عناء القراءة. 5 سنوات وراء القضبان مرابطا، صامدا، قويا بقناعاتك لا تهزم، وتهزم الجلادين والمنافحين عن الخواء وعن استمرار النضال الأملس، السجن لم ينل منك، وانهزمت الجدران والزنازين، وانهزم مهندسو القمع وصانعو الظلام. بقيت نقيا، بسيطا كحلمك حلمنا، وأنت المناضل البسيط الطامح الحالم المتسامح.. ينتهي السجن والسجان ويبقى شعبنا، خرجت من السجن ويذكرك رفاقك بصمودك ومثابراتك، كنت يساريا حتى النخاع، ومناضلا جذريا لا يرف له جفن ولا تطوى له قناة، ومرتبطا بشعبك وأهلك ومسئولا ومتبصرا، وتمتلك ما يكفي من الحلم والرصانة، لتساهم مع ثلة من المناضلين في إبقاء جذوة الحلم والأمل مشتعلة، وتوحيد الجهود وتجميع الحساسيات، وكان أن أثمر مجهودنا جميعا بناء حزب اليسار الاشتراكي الموحد بوثقة لحلم ممارسة سياسية يسارية منخرطة إلى جانب قضايا وهموم الشعب المغربي، ممارسة جديدة ومنفتحة وقوية في اقتراحاتها، وفي بناء رؤية واضحة ودقيقة وممتدة ومندمجة. وأنت في الحزب الاشتراكي الموحد، لم تعد ملكك فكما هي عادتك، وضعت نفسك رهن إشارة المشروع المجتمعي الحداثي الديمقراطي بكل حمولات اللفظ والكلام دون ديماغوجية ولا لف ولا دوران، باعتباره مشروعا تقدميا، وانحزت إلى جانب الفقراء والبسطاء والمهمشين، لم تختر الشعارات ولا الطهرية، بل اخترت الانحياز والمسؤولية والمساهمة الدؤوبة في تحسين أوضاع الناس، كل الناس البسطاء. أهلك البسطاء في العرجان التي ولدت فيها وأوطاط الحاج وميسور وبولمان والوطن، وكل الوطن الذي ناضلت فيه ومن أجله، لا يتسع لحلمك وعطائك، أنت الإنساني الواسع الأفق أديت من جسدك ودمك متضامنا مع المواطن بعمقه وقوته أينما كان…. أكيد ستحتفظ جماعة العرجان باسمك، وستتذكر تفانيك في خدمتها وأحلامك الرائعة لتحويلها إلى جماعة نافعة ومنتفعة، كنت مناضل الهامش المتمرد على الإقصاء والفقر والتجهيل، العامل وبكل صبر وأناة على توسيع مجالات الحرية والتنمية،،، وما باليد حيلة، ولدنا على الهامش المنسي، بسطاء فقراء، إلا من غنى الأنفة والكرامة… وقبل أن نستفيق تختطفك منا يد المنون.. نحن اليوم ننعيك، ولا نقول لك وداعا، نقول لك لقاؤنا مستمر، لأنك أنت في هذه النقطة من الوطن المنسي، رمز النقاء والتضحية والوفاء، وأنت في قلوب رفاقك أعضاء الحزب الاشتراكي الموحد، المناضل المخلص، الذي لم يهمه أبدا أن يكون في موقع أو مسؤولية… لم تخلق أبدا عداوات، وكنت تعتبر مناقشاتنا ومجادلاتنا الطويلة هدرا للوقت الثمين الذي تتطلبه روافع مشروعنا المجتمعي التقدمي، ولا ولم تنأى عليه.. وإننا لله وإنا إليه راجعون هي مناسبة لنحيي أسرتك الصغيرة؛ أمك وإخوتك وأخواتك وابنك وبناتيك، عائلتك الصغيرة والكبيرة.. هي مناسبة لنحيي مناضلي الحزب الوافدين اليوم أمام قبرك، المناضلين الملتحمين بجماهير المنطقة الذين حققوا انتصارات وفتوحات، والذين بصبرهم المماثل للصخر الجلمود يقفون ويدبرون ويتدبرون….. بكم اليوم سنبني مستقبلنا الجميل، وبكم لن يفنى حميد، سيظل واقفا مثابرا، بسيطا وفيا ودودا متسامحا… وسلام عليه وتحية له ولكم… باسم رفاقك في الحزب الاشتراكي الموحد نعاهدك أنك ستظل: شمعة مضيئة فينا شمعة مضيئة في قلب زوجتك وأبنائك وذويك وفي قلوب كل مناضلي هذا الوطن نواريك الثرى ونحن نستحضر معك كل الأحبة والشهداء الذين افتقدناهم، ويتزامن توديعك لنا بولادة أبنائك الثلاثة، بسخاء تمنح الوطن أولياء للعهد، وتعاهدنا ونعاهدك على الاستمرار والوفاء..