استنادا إلى الوثيقة المرجعية الصادرة في مستهل السنة الجارية عن وزارة الاقتصاد والمالية، بلغ إنتاج مياه الشرب في المغرب 1168 مليون متر مكعب في عام 2017، مع ميراث من 140 سدا كبيرا بقدرة استيعاب وتخزين 17.6 مليار متر مكعب.
سمحت هذه البنيات التحتية تقريبا بولوج معمم لمياه الشرب في المناطق الحضرية ومعدل ولوج يقدر بحوالي 96 ٪ في المناطق القروية، وسقي ما يقرب من 1.5 مليون هكتار وحماية مناطق شاسعة من الفيصانات. تذكر الوثيقة أن إمكانات موارد المياه المتجددة في المغرب تقدر حاليا بنحو 22 مليار متر مكعب في السنة، أي ما يعادل 650 متر مكعب لكل ساكن خلال سنة واحدة مقابل 2.560 متر مكعب في عام 1960، وهو ما يمثل انخفاضا حددت نسبته في 74.6٪. تشير العديد من العوامل المصاحبة إلى خطر انتقال المغرب من وضعية تتسم بالقلق إلى وضعية تشهد ندرة المياه، الاحتياجات المائية الحالية تتجاوز أكثر فأكثر الموارد المتجددة المتاحة، لا سيما نتيجة للضغط الديموغرافي، وتدهور نوعية المياه بسبب تصريف المياه العادمة والتأخير المتراكم في مجال التطهير خاصة في المناطق القروية.
لا يزال تدبير المياه في الأنشطة الزراعية مطبوعا بتقييم منخفض للموارد (كفاءة منخفضة في قطعة الأرض(50 %) أثمنة غير مناسبة لمياه السقي التأخر في تجهيز المساحات المسقية من مياه السدود) في هذا السياق، تشير الوثيقة على وجه الخصوص إلى أن الاحتياجات المتزايدة باستمرار لبعض القطاعات، مثل قطاع الفلاحة، تطرح تحديات مهمة، إذ يستهلك هذا القطاع حوالي 85٪ من موارد المياه المتجددة، أي بمستوى أعلى من المتوسط العالمي المقدر بحوالي 70 ٪. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال تدبير المياه في الأنشطة الزراعية مطبوعا بتقييم منخفض للموارد (كفاءة منخفضة في قطعة الأرض(50 %)، أثمنة غير مناسبة لمياه السقي، التأخر في تجهيز المساحات المسقية من مياه السدود).
تتنبأ الوثيقة بأن تسارع وثيرة الاضطرابات المناخية واستمرار اختلال التوازن بين الكميات المتوفرة من المياه وبين الاحتياجات هما بمثابة عاملين سوف يعجلان بحدوث عجز كبير في المياه في المغرب بحلول عام 2030، قد يصل إلى 2.3 مليار متر مكعب، مع طلب متوقع في حدود 14.8 مليار متر مكعب متجاوزا الموارد المعبأة، والتي سوف تصل إلى حوالي 12.5 مليار دولار. بالإضافة إلى ذلك، الإفراط في استغلال موارد المياه الجوفية (حجم استغلالها 4.3 مليار مقابل حجم قابل للاستغلال يقدر ب3.4 مليار متر مكعب، متسببا في عجز سنوي بما يقرب من مليار متر مكعب)، خاصة على مستوى أحواض أم الربيع، سوس ماسة درعة، تانسيفت، سبو وبورقراق.
على المستوى التنظيمي والقانوني المتعلق بتدبير المياه، تسجل الوثيقة أن جهودا كبيرة بذلت، خاصة مع اعتماد القانون الجديد للماء في غشت 2016 (36/15)، الذي ينص بشكل خاص، ودون أن ينحرف عن أهداف القانون 10/95، على تبسيط إجراءات استخدام المجال المائي العام، وتعزيز شرطة المياه، وضع إطار تنظيمي ملائم في نفس الوقت لتيسير تثمين واستخدام مياه الصرف الصحي ولتحلية مياه البحر. ينص هذا القانون الجديد أيضا على تعزيز وتوضيح صلاحيات المجلس الأعلى للماء والمناخ، مع إعطائه دور استشاريا فيما يتعلق بالخطط الرائدة في مجال التدبير المندمج للموارد المائية على مستوى الأحواض المائية. إلى ذلك، تضيف الوثيقة أنه لمواجهة تغير المناخ وندرة المياه، تواصل تنفيذ إجراءات حاسمة في إطار المخطط الوطني للماء في أفق 2030.
هذه الإجراءات تقوم على التدبير الرشيد للطلب على الماء وتثمينه، على تنويع مصادر إمدادات المياه، وكذلك على تحسين نوعية الموارد الطبيعية للمياه والحكامة الجيدة بموجب قانون المياه الجديد (36-15). وهكذا، تقول الوثيقة، في مجال تدبير الطلب على المياه وتثمين الموارد، تسارعت وتيرة تعميم الولوج إلى الماء الصالح للشرب، خاصة في المناطق القروية والجبلية، حيث بلغ معدل الربط، في إطار البرنامج المندمج لتزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب، 96,5 % في نهاية سنة 2017.
فيما يتعلق بعائدات شبكات توزيع الماء الصالح للشرب، ساهم البرنامج المعتمد للاقتصاد في الماء في تحقيق بعض التقدم إذ رفع هذا العائدات إلى 76.5 ٪خلال سنة 2017، ومن المتوقع أن يصل إلى 80٪ بحلول عام 2025. بالإضافة إلى ذلك، في إطار برنامج التحويل إلى الري الموضعي، الذي سيستمر حتى عام 2030، وصلت المساحة الكلية المغطاة 540،000 هكتار في نهاية عام 2017 (أي 98٪ من الهدف المتوقع نهاية 2020 والمحدد في 550،000 هكتار). وفيما يتعلق بتنمية إمدادات المياه وتنويعها، سمحت الإجراءات المتخذة بالوقوف حاليا على 140 سدا كبيرا، بسعة إجمالية تتجاوز 17.6 مليار متر مكعب، وعلى عدة آلاف من الثقوب والآبار لاستنباط المياه الجوفية.
هذا، بالإضافة إلى 14 سدا كبيرا وعشرات السدود الصغيرة التي هي الآن في طور البناء، مع قدرة على تخزين إضافي من حوالي 3.5 مليار متر مكعب. فضلا عن تسريع وتيرة الاستثمار في البنيات التحتية المائية، تذكر الوثيقة أن المغرب في سعي حثيث لاستخدام موارد المياه غير التقليدية من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الصحي وتحلية مياه البحر، ففي مجال إعادة استعمال المياه العادمة، تم توقيع اتفاقيات وتفعيلها في إطار البرنامج الوطني للتطهير السائل ومعالجة المياه العادمة.
تتعلق هذه الاتفاقيات على وجه الخصوص بسقي ملاعب الغولف والمساحات الخضراء وكذلك سقي الفضاءات المزروعة، سيسمح مخطط إعادة اسعمال المياه بتعبئة حجم إضافي قدره 325 مليون متر مكعب في أفق 2030، أي بمعدل معالجة مياه الصرف الصحي يقدر بنسبة 100 ٪. في نهاية هذه الفقرة الخاصة بالماء. تقف الوثيقة عند مسألة تحلية مياه البحر حيث تشير إلى أن المخطط الوطني للماء حدد حجم 510 مليون متر مكعب في السنة كهدف يتعين تحقيقه بحلول عام 2030. في هذا السياق، تم إطلاق مشروع كبير لتحلية مياه البحر من أجل تعزيز إمدادات مياه الشرب لفائدة ساكنة مدينة أكادير وري منطقة شتوكة. وبالمثل، انطلقت دراسات تقنية لإنجاز مشروع خاص بتحلية مياه البحر لصالح سكان منطقة الدار البيضاء الكبرى.
(يتبع)
أحمد رباص