في وقت كان الجميع يُصفق لخطاب أعلى سلطة في البلاد خلال الذكرى الـ19 لعيد العرش، كان هناك موقف مغاير ينتقدُ باحترام شديد مضامين الخطاب الملكي، ويصرخ بحماس يساري: “إن خطابات الملك قابلة للنقاش..والمغاربة يُريدون اليوم إجراءات ملموسة”.
صوتُ “الرسالة” بالبرلمان خرج ليُعبر عن موقفه بكل حرية من طقوس حفل الولاء، التي رافقت احتفالات عيد العرش، مُبدياً اعتراضه على ركوع النُخبة وانحنائها خلال مراسيم تجديد البيعة بالمشور السعيد في الحمامة البيضاء، ليس بمنطق تقليل الاحترام الواجب للملك، بل لأن هذه الطقوس “من الأشكال التقليدية التي يجب أن نتجاوزها”، يقول مصطفى الشناوي، النائب البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، الذي يحل ضيفاً على هسبريس في البورصة الأسبوعية.
في المغرب، قلما نسمع مواقف سياسية من داخل المؤسسات تغرد خارج السرب والنسق العام، ليس لأن القانون يمنع نواب الأمة أو الوزراء من ذلك؛ بل لأن هناك من يُؤمن بأن ثقافة الاختلاف في القضايا الرئيسية أو الوطنية قد تحرمه من “نعم المخزن” وتبعدهُ عن “سوق الإكراميات”.
مصطفى الشناوي، طبيب اليسار والكاتب العام للنقابة الوطنية للصحة، يُحسن فن الاختلاف، حتى وإن كان برلمان الشعب في عطلة رسمية؛ إذ خرج منسجماً مع أفكاره اليسارية ليبدي اعتراضه على الطريقة التي تم بها إعفاء وزير الاقتصاد والمالية. وقال خلافاً لكثيرين إن “الشعب المغربي يريد أن يعرف ما الذي قام به هذا المسؤول، وما الخطأ الذي ارتكبه بالضبط”.
ثوان معدودات هي حصة الشناوي وزميله بلافريج في التوقيت الزمني الذي يوزعه البرلمان على الفرق والمجموعات النيابية؛ غير أن النقابي في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، القادم من عائلة اليسار الراديكالي، لا يتوانى في قصف وانتقاد العثماني ووزرائه، في انتظار أن يصحو يوماً ما على ملكية برلمانية. لمواقفه الشجاعة ظفر الشناوي بمقعد في نادي الطالعين، بينما الجميع يستمتع بعطلته الصيفية.