لقد شكل حضور الحزب الاشتراكي الموحد، في شخص أمينته العامة نبيلة منيب، أشغال مؤتمر الحزب الديمقراطي للشعوب HDP، بأنقرة أيام 22 و23 فبراير 2020 (حزب يساري معارض يضم سبعة أحزاب و لديه 80 برلماني، ما يقارب 5000 أسير سياسي، ويشكل القوة السياسية الثالثة بتركيا ) مناسبة للالتقاء بمختلف ممثلي الاحزاب اليسارية الحاضرة، وقالت منيب : لقد عبرنا عن دعمنا و تضامننا مع ما يتعرض له حزب HPD من اعتقالات ومن تمييز واضطهاد من قبل نظام اردوغان . كما أبدينا عن تضامننا مع نضالاته من أجل دولة ديمقراطية عادلة يتمتع فيها كل المواطنات والمواطنين بما فيهم الأكراد، بالحرية و المساواة بدون أي تمييز على أساس اللغة أو الدين أو اللون أو العرق أو الجنس.
وقد حضرت الامينة العامة، عشية انطلاق أشغال المؤتمر، مجلس النساء، منهن اللواتي حاربن داعش، ومنهن اللواتي حققن المناصفة على مستوى كل أجهزة الحزب بما فيها الرئاسة (رئيس و رئيسة). وهو اللقاء الذي تصفه بـالهام ،وتقول أنه ” شكل مناسبة للتأكيد على أن نضال النساء لا يمكن أن يعزل عن النضال العام من أجل الديمقراطية و المساواة والمواطنة الكاملة، ومركزة الحقوق وضمان الحرية و السلام”، وتداولت فيه العديد من القضايا التي تهم بلدان المنطقة، خصوصا تلك التي تتصدر الأحداث العالمية وعلى رأسها “صفقة القرن” واستكمال المخطط الجهنمي لإخراج مشروع الشرق الأوسط الجديد”.
وفي بداية مداخلتها، توجهت الامينة العامة بتحية الصمود للمرأة الفلسطينية و الكردية المناضلة، وخصوصا تلك المتواجدة في مناطق الصراع والنزاعات. وايضا جميع نساء العالم المكافحات ضدّ الاحتلال والفقر والعنف والتمييز وكل أشكال الاستغلال والظلامية، وقالت منيب ” لقد أكدنا على ضرورة التضامن والتعاون لإسقاط “صفقة العار” ومواصلة النضال ضد التسلط والاستغلال ومنطق القوة ولغة الغطرسة والتدخل والترهيب و “الفوضى الهدامة”، التي تسعى إلى تجزيء المجزء وتقسيم المقسم والتي تشعل نيران الحروب والدمار، لتسييد الكيان الصهيوني في المنطقة و تصفية القضية الفلسطينية، في إطار الصراعات الجيواستراتيجية و التسابق نحو السيطرة على مصادر الطاقة و هيمنة النظام النيوليبرالي المتوحش و تركيع الشعوب و تخريب الدول و إجهاض الثورات. حيث أن تسارع الأحداث من أجل تصفية “القضية الفلسطينية” التي يخطط لها منذ عقود، الثنائي الصهيو ـ الإمبريالي المدعم من قبل الرجعية العربية المنبطحة يفرض ضرورة التضامن و الصمود من أجل إسقاط “صفقة العار” و مناهضة كلّ أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني العنصري و نصرة الشعب الفلسطيني المكافح، بمختلف الطرق، و الدعوة لتوحيد الصفوف، من أجل بناء دولته المستقلة و عاصمتها القدس و تحقيق حق العودة لللاجئين. كما عبرنا عن تضامننا مع نضالات الأكراد من أجل الحرية و السلام و الكرامة و بناء الديمقراطية الكاملة المقرة بالتعدد واحترام الاختلاف الهوياتي و الثقافي و المساواة و الحرية و الحقوق مع إلغاء التمييز و استفادة الجميع من خيرات الوطن.
و بعد تقديم مشروع الحزب الاشتراكي الموحد والتعريف بالمحطات النضالية التي مرّ منها وصمود مناضليه أمام قمع “سنوات الجمر والرصاص”، والنضال من أجل إعادة بناء و تقوية اليسار المغربي سواء كحزب او إلى جانب المكونات الأخرى لفيدرالية اليسار الديمقراطي لتحقيق التغيير الديمقراطي في بلادنا و القضاء على الاستبداد و الفساد و بناء الدولة و المجتمع الديمقراطي الحداثي و العدالة الاجتماعية و المجالية و المواطنة و المساواة. كان أساسيا أن يتم التطرق للقضية الوطنية، أو ملف “الصحراء الغربية” كما يصطلح عليه دوليا حتى لا يستمر استغلال مبدأ “تقرير المصير” للترويج للمغالطات قصد كسب دعم المكونات اليسارية وتعمد الخلط بين القضية الفلسطينية التي تشكل قضية شعب اغتصبت أرضه و انتهكت حقوقه من قبل الكيان الصهيوني الغاشم المستعمر و ملف الصحراء، الذي بدأ مع تأسيس “حركة انفصالية” في سنة 1973 كجواب على القمع الشرس الذي تعرض له الشباب المنحذر من الصحراء من قبل النظام المغربي، و الذي انتفض بمدينة طنطان، مطالبا بتحرير الصحراء من قبضة الإسبان، في أوج سنوات الجمر و الرصاص التي عانى منها اليسار المغربي بشكل رهيب. و لقد وضحت الامينة العامة كيف تطور هذا الملف مع الزمن وكيف تم استغلال نشأت حركة البوليزاريو من قبل النظام الليبي و بعده النظام الجزائري الذي نهب خيرات البلاد و يحاول أن يبعد الرأي العام الجزائري عن مشاكله الداخلية و خصوصا المافيات التي تستبد بالسلطة و التي هي اليوم في مواجهة”الحراك الجزائري.
وقالت منيب أن ” مشكل الصحراء ليس مشكل استعمار وهو مشكل داخل المغرب و هناك أبناء العائلة الواحدة في الطرفين و البوليزاريو حركة انفصالية تضم فقط ما يقارب 80000 نسمة . كما أن عدم التمكن من تحديد الكثلة الناخبة، من قبل مبعوثي الأمم المتحدة المتتاليين، حال دون إمكانية تنظيم استفتاء شعبي بالصحراء، لأن الساكنة من أصول صحراوية موجودة في كلّ جهات”. وأوضحت أنه لا إمكانية لبناء دويلة في جنوب المغرب (ليست لها مقومات دولة) و كل محبي السلام يجب أن يدعموا حل “الحكم الذاتي” في إطار السيادة المغربية، الذي اقترحه اليسار المغربي قبل أن تتقدّم به الدولة المغربية في 2007 و الذي اعتبر حلا معقولا يطبق من خلاله “تقرير المصير” الديمقراطي و ليس الإنفصالي لتتمكن ساكنة الصحراء من إدارة شؤونها بنفسها وأن تلتئم الأسر المتفرقة و تداوى الجروح و أن تتخلص من الوصاية الجزائرية و الأطماع الاستغلالية من جهات عدة ، التي تسارع اليوم لتوقيع “عقود وهمية” لتأخد مقابل دعم ” تقرير المصير” الانفصال، حق استغلال الخيرات الباطنية مستقبلا و ليتمكن المغرب من استكمال سيادته الترابية على كامل أراضيه و من التقدم نحو بناء المغرب الكبير.
كما أشارت نبيلة منيب في معرض تدخلها أن جهة الساحل و الصحراء تكاد تتحوّل إلى منطقة خارج القانون، تتفشى فيها تجارة المخدرات و الأسلحة و مرتعا للجماعات الإسلاموية المتطرفة (تم ضبط عناصر من البوليزاريو داخلها) كما أن الرئيس السابق للجبهة”عبدالعزيز” المراكشي، كان تحت إمرة النظام الجزائري و بقي يترأس الجبهة لعدة عقود إلى حين وفاته مع تحكم زوجته بينما والده مغربي يعيش بمدينة مراكش. كما وقفت لجنة OLAF الأوربية في تقريرها لسنة 2007 على نهب الإعانات التي توجهها لمخيمات تندوف، من قبل النظام الجزائري و تحويلها لجهات أخرى. و لهذا على المنتظم الدولي أن يعمل على التحليل الجيّد للوضع قبل اتخاد الموقف و العمل على المطالبة برفع الحصار عن “مخيمات الحمادة” بتندوف حيث يجمّع عدد من الساكنة الصحراوية و الكشف على انتهاكات حقوق الإنسان الذي تعاني منه ساكنة المخيمات ، بينما تعيش”القيادات” في أوربا و تجوب العالم حيث تخدم من حيث تدري أو لا تدري المخططات الإمبريالية التي تتدخل في منطقتنا و تعمل على تقسيمها وتأجيج بؤر الصراع فيها لمنع الشعوب من التحرر.
إن الحل، تقول منيب، لمشكل الصحراء وفتح أفاق لانعتاق شعوب المغرب الكبير وبناء تكتل قوي لمواجهة الاستبداد و الفساد و المخططات الامبريالية هو مدخل النضال من أجل بناء المغرب الديمقراطي و بناء الجهوية الحقيقية و احترام حقوق الإنسان و المواطنة الكاملة وهو في العمل على محاربة الفساد و النضال من أجل فصل السلط وتحقيق السيادة الشعبية و العدالة الاجتماعية و المجالية.
و في الختام، تم التاكيد على جعل هذا اللقاء نقطة انطلاق لعمل مشترك
و خلق جبهة من أجل الوقوف ضد الامبريالية والاحتلال والاستغلال و الظلامية في أفق بناء عولمة بديلة و عالم عادل ومحاربة الفساد و المافيات و الانتصار للديمقراطية و السيادة الشعبية و البيئة وإعادة تأهيل السياسة و توحيد القوى التقدمية: و تقاسم التجارب و المعلومات و التواصل المستمر مع ضرورة تجديد الفكر و الأدوات و بناء الجسور بالإضافة لضرورة استمرار النضال من أجل المناصفة كطريق لتحقيق المساواة و تقوية حضور النساء في مراكز القرار”.