الاشتراكي الموحد… خلافات تــــــــــسبق المؤتمر

بولامي: لا تنسيق ولا تحالف إلا مع المؤمنين بالديمقراطية والمشاركة في ندوات فكرية غير ممنوعة

يستعد الحزب الاشتراكي الموحد لعقد مؤتمره الوطني، في ظل اختلافات بين أعضاء قيادته الوطنية، حول التدبير السياسي وتصريف المواقف من قبل القيادة، وهي الاختلافات التي تنتقل من الإطارات التنظيمية، لتصل إلى وسائل الإعلام، عبر بيانات ورسائل وتصريحات منسوبة إلى قياديين دون ذكر الأسماء.
ورغم الاختلاف في الآراء، وهي ميزة الحزب بالنظر للمشارب المختلفة لمكوناته، حرصت القيادة على تدبير كل صعاب الوحدة والتجميع، والتوجه إلى بناء تحالف في إطار فدرالية اليسار، والارتكاز على القواسم المشتركة التي بني عليها المشروع، وهو ما سمح للحزب بالتوسع والحضور بصورة مشرفة في الاستحقاقات الانتخابية، رغم النتائج المتواضعة التي حققها سواء في البرلمان أو في الانتخابات الجماعية.

خلافات داخلية بخلفيات مختلفة

في الوقت الذي يستعد الحزب لمؤتمره الوطني المقرر عقده نهاية السنة الجارية، وفي الوقت الذي يراهن على دينامية برلمانييه وأداء مناضليه في الجماعات المحلية التي يقودون رئاستها، تواجه الأمينة العامة للحزب، موجة انتقادات ليس من خصوم الحزب فحسب، بل حتى من رفاقها من داخل المكتب السياسي والمجلس الوطني، آخرها الضجة التي أثارتها مشاركتها في ورشة الحوار العلماني الإسلامي بجنيف، والتي اعتبرها البعض، “مبادرة منفردة لا علم لقيادة الحزب بها، وتتناقض مع التوجه السياسي للحزب، بخصوص العلاقة مع الإسلاميين”.
وأخذت القضية أبعادا أكبر، حين قرر بعض الأعضاء من المكتب السياسي، بعد الفشل في مناقشة القضية بهدوء داخل المؤسسات الحزبية، نقلها إلى أوسع مناضلي الحزب، عبر توجيه رسالة إلى أعضاء المجلس الوطني، بشأن ما اعتبروه خروجا عن الخط السياسي، من قبل الأمينة العامة للحزب، سرعان ما انتقل صداها إلى الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي، لتعمق أزمة الثقة بين مكونات قيادة الحزب.
وفي الوقت الذي يعتبر أصحاب الرسالة مبادرتهم مشروعة، في إطار الحق في التعبير عن الاختلاف، يرى المعرضون للجوء إلى هذا النوع من السلوك، هروبا من الحوار داخل المؤسسات، بل يعيبون على أصحاب المبادرة تجاوزهم للقوانين الداخلية، التي تفرض عليهم في مثل هذه الحالة، المرور عبر سكرتارية المجلس الوطني، المخول لها تسلم رسائل من هذا النوع، وتعميمها على أعضاء المجلس الوطني.
وذهب البعض إلى أبعد من ذلك، معتبرين أن الأمر يتجاوز قضية حضور الأمينة العامة لندوة جنيف، بل يعكس حربا خفية يقودها البعض ضد نبيلة منيب، بسبب “هيمنتها” على المشهد، وحضورها في الواجهة، في الوقت الذي لم يستطع البعض الخروج من دائرة الظل.
وترى أطراف أخرى أن القضية لا تستحق كل هذه الضجة، لأن الأمر يتعلق بتقديرات مختلفة، ولا تصل إلى مستوى الخلاف الجوهري، علما أن الأمر لا يتعلق بحوار سياسي مع الإسلاميين، بقدر ما هي مشاركة في ندوة لمركز دراسات، إلى جانب شخصيات من انتماءات مختلفة، ولا تلزم الحزب بأي التزامات، كما أن الأمينة العامة عبرت خلال مشاركتها عن مواقف الحزب المعروفة.
وحاولت “الصباح” الاتصال ببعض قياديي الحزب، من المكتب السياسي، ومن القياديين الأربعة الموقعين على الرسالة الموجهة إلى أعضاء المجلس الوطني، من أجل التعرف على الأسباب العميقة التي دفعتهم إلى صياغة رسالة، علما أنهم أعضاء في المكتب السياسي، ويمكن مناقشة القضية داخل الأجهزة، وحسمها دون ضجة إعلامية، خاصة أن الحزب مقبل على مؤتمر وطني سيشكل المناسبة لتقييم الأداء السياسي والتنظيمي وتجربة الفدرالية، ومناقشة مضمون الرسالة التي أكدوا فيها أن مشاركة نبيلة منيب، في ورشة “الحوار العلماني الإسلامي بجنيف.
ورفضت الأمينة العامة المساهمة في هذا الجدل على صفحات وسائل الإعلام، مفضلة رغم ما أحست به من مرارة، أن تعود إلى هيآت الحزب.
وقال محمد بولامي، عضو المكتب السياسي إن هناك اتفاقا بين جميع مناضلي الحزب على ضرورة احترام الميثاق الأخلاقي، في العلاقة بين مكوناته وتياراته، حرصا من الجميع على إنجاح تجربة التجميع والوحدة المنشودة، وتطوير الحزب وتقويته، من أجل الانخراط في المعارك السياسية المقبلة.
وقال بولامي إن المشاركة في لقاءات أكاديمية أو إعلامية، لا تطرح مشكلا من حيث المبدأ، موضحا أن مشاركة الأمينة العامة في ندوة جنيف تمت بصفة شخصية، وعبرت خلالها عن المواقف الرسمية للحزب، والتي ترتكز على تبني المشروع الديمقراطي المناهض للأصولية المخزنية والأصولية الدينية على حد سواء.

رسالة الرباعي لمواجهة منيب

يرى المنتقدون لخطوة منيب أن مشاركتها في ورشة الحوار العلماني الإسلامي جرت “من غير علم المكتب السياسي”، واعتبروا مبادرتها “تتعارض مع الموقف السياسي للحزب”.
وأضاف الموقعون على الرسالة أن المكتب السياسي ناقش الموضوع، وتم الاتفاق على صيغة إصدار بيان لمناسبة الدخول الاجتماعي والسياسي، يتضمن فقرة تؤكد على ثوابت الخط السياسي للحزب المصادق عليه في الأرضية التي اعتمدها المؤتمر الثالث المنعقد في دجنبر 2011.
واتهم أصحاب الرسالة الأمينة العامة بحذف الفقرة المتعلقة بالتذكير بثوابت الخط السياسي من البيان، وإرسال مشروع البيان إلى سكرتارية المقر المركزي، دون انتظار الحسم في النص النهائي، مع مصطفى الشافعي، الذي كلف بالتنسيق معها في الموضوع، وهو البيان الذي عمم على الصحافة.
وعوض انتظار اجتماع المكتب السياسي لمواصلة نقاش النقطة الخلافية، والحسم فيها داخليا، يقول عضو قيادي في المكتب السياسي، اختار البعض توسيع النقاش في هذه النقطة الهامشية، التي أثارت وما تزال المزيد من الردود داخل الحزب، وفي أوساط مناضليه.
ولم تقف انتقادات الأعضاء الأربعة في المكتب السياسي عند هذا الحد، بل ذهبت إلى حد اعتبار أن “نشر البيان مع حذف الصيغة التي لم تحظ بالاتفاق من قبل جميع الأعضاء، يترجم عدم الالتزام بمضمون أرضية الحزب في موضوع الحوار مع القوى الإسلامية غير الديمقراطية، ومس بالديمقراطية الداخلية”، بل والتنصل من البيان الصادر باسم المكتب السياسي، مشددين على أن البيان المعلن “لا يعني أعضاء المكتب السياسي الموقعين على الرسالة”.
التحضير للمؤتمر

يرى عدد من أعضاء الحزب أن الأهم في المرحلة الحالية هو أن ينكب الحزب بكافة طاقاته وتياراته على الإعداد للمؤتمر، وإنجاح التحضير الأدبي والمادي واللوجيستي له، حتى يكون الحزب في الموعد مع انتظارات اليساريين والديمقراطيين.
وحرصا على توحيد كل الجهود، فقد حرص الحزب على تشكيل لجنة للإشراف على انتخاب المؤتمرين، تضم ممثلين عن سكرتارية المجلس الوطني والمكتب السياسي واللجنة التنظيمية الوطنية، وممثلين عن التيارات الفاعلة داخل الحزب.
برحو بوزياني