المكتب السياسي
بيان
على إثر التطورات الخطيرة التي شهدتها مدينة جرادة يوم الأربعاء 14 مارس الجاري، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الاحتجاج السلمي، عقد المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد اجتماعا طارئا، يومه الخميس 15 مارس بالمقر المركزي للحزب بالدار البيضاء.
وقد سبق للمكتب السياسي، خلال اجتماعه الأخير المنعقد يوم الأحد 11 مارس الجاري، أن توقف عند تطورات الأوضاع بجرادة إثر إقدام السلطات على تدشين مسلسل الاعتقال في صفوف نشطاء الحراك، ونبه حينها إلى عواقب اللجوء إلى الآلة الأمنية والقمعية في التعامل مع مطالب الساكنة ومع نشطاء الحراك، وحذر من أن الاستنجاد بالمقاربة الأمنية القمعية لن يزيد الأوضاع إلا تأزما واستفحالا. وهو ما تأكد بعد أقل من يومين، حين أقدمت سلطات وزارة الداخلية على استفزاز الساكنة ونشطاء الحراك ببيانها القمعي الصادر يوم 13 مارس والذي “يمنع جميع الأشكال الاحتجاجية”، ويعتمد لغة التهديد والوعيد المغلفة بالحرص على احترام القانون، لتنفجر يوم الأربعاء 14 مارس الأحداث الخطيرة والأليمة التي خلفت العديد من الإصابات، وأضافت نشطاء آخرين إلى لائحة المعتقلين من أجل الحقوق الاجتماعية، وأدخلت المدينة والمنطقة إلى نفق مظلم ومؤلم.
إن المكتب السياسي، وهو يتابع تطور الأوضاع بمدينة جرادة منذ انطلاق المظاهرات، يسجل أن الحراك الشعبي عَبَّر طيلة الأشهر الثلاثة وبالملموس عن التشبث بسلمية التظاهر والاحتجاج، خلال رفعه للمطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة. وقد أبانت ساكنة جرادة عن مستوى حضاري رفيع في التعامل مع الأوضاع التي ترتبت عن الاحتجاجات، حيث لم تجد الحكومة بدا من الإقرار بمشروعية المطالب، وتعهدت بتحقيقها خلال الحوارات التي جرت بين ممثليها وبين نشطاء الحراك.
وفي الوقت الذي كانت الساكنة تنتظر من السلطات الوفاء بالوعود التي التزمت بها وأعلنتها للرأي العام المحلي والوطني، وجدت نفسها في مواجهة مقاربة أخرى تستبدل الحوار المعلن بالقمع الممارس على أرض الواقع.
إن المكتب السياسي إذ يذكر بمواقفه المبدئية والثابتة في دعم كل المبادرات النضالية التي تسعى إلى النهوض بالأوضاع الاجتماعية للمواطنات والمواطنين وتحقيق التنمية الاقتصادية لصالح مختلف المناطق والجهات، في إطار العدالة الاجتماعية والمجالية التي تشكل المدخل لتحقيق السلم والتلاحم المجتمعي، وإذ يجدد تبني الحزب الاشتراكي الموحد للمطالب المشروعة لمواطنينا وجماهير شعبنا في مختلف مناطق وطننا ويدعو إلى التشبث الدائم بالسلمية في التعبير عنها، فإنه، واستحضارا للتطورات الخطيرة التي شهدتها مدينة جرادة يوم 14 مارس؛
– يؤكد تضامنه مع ساكنة جرادة، ويجدد دعمه القوي للحراك الشعبي بهذه المدينة المنسية، ويعلن تبنيه الكامل للمطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة، ويرفض أية محاولة للالتفاف عليها بربح الوقت واستهداف الحراك ونشطائه.
– يندد بالمقاربة الأمنية القمعية التي لن تعمل إلا على تأجيج الوضع وإلحاق المزيد من الأضرار بالمنطقة والدخول بالبلاد إلى المجهول، ويحمل مسؤولية ما وقع إلى الحكومة، التي عوض أن تنهض بواجبها في إطلاق الحلول التي من شأنها أن تنهي أسباب الحراك، عمدت إلى إطلاق الآلة القمعية بجعل قوات الأمن وجها لوجه أمام ساكنة لم تعد تملك أسباب الحياة.
– ينبه إلى أن المقاربة الأمنية القمعية التي كانت وراء تأجيج الأوضاع تتنافى مع الحوار الذي ادعت الحكومة إطلاقه، وتكشف زيف الوعود التي جرى تسويقها. وتأتي هذه المقاربة لتقدم جوابا واضحا وعمليا عن رفض التجاوب مع مطالب الساكنة المتضررة وشبابها الذي يطالب بحقه في الشغل وفي تنمية جهته.
– يدعو إلى حوار جاد ومسؤول باعتماد مقاربة تشاركية حقيقية من أجل وضع تصور تنموي سوسيو اقتصادي وبيئي يهدف إلى إعادة التأهيل الترابي للمنطقة ورفع الحيف الاقتصادي عن المدينة وإخراج ساكنتها من الوضع الاجتماعي المزري وإرساء جهوية حقيقية ترعى مصلحة المواطنات والمواطنين وتضمن لهم جودة الحياة والعيش الكريم.
– يستنكر الاعتقالات التي استهدفت نشطاء الحراك، ويطالب بإطلاق سراحهم ووقف المتابعات، وتوفير الشروط التي من شأنها أن تزيل أسباب التأزيم والتوتر والاحتقان.
– يتشبث بالحق المكفول للمواطنين في الاحتجاج والتظاهر من أجل التعبير عن مطالبهم المشروعة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، ويرفض كل اشكال الاعتداء على الحقوق والسعي إلى الحد من الحريات.
– يرفض كل محاولة للتدخل في شؤوننا الداخلية ومبادراتنا المواطنة والمسؤولة، التي نمارس من خلالها حقنا وواجبنا النضالي في دعم الحقوق المشروعة للمواطنات والمواطنين والرقي ببلادنا.
المكتب السياسي الدار البيضاء في 15 مارس 2018