كنا دائما نبحث عن ملامح الأبطال وطنيين كانوا أو قوميين ، وعندما نعدم العثور عليهم نروح إلى المقابر ، وننقب بكل ما أوتينا من قوة ذاكرة فردية وجماعية ،فنخرجهم من القبور، ونقيم لهم التماثيل ، ونبني لهم الأضرحة ، وننظم مناحات جماعية ، ومواسم سنوية تخليدا لهم ولقواهم الخارقة ، ولكن لا نستريح ولا يهدأ روعنا ، ولا تقر عيوننا وعقولنا ، ذلك أننا نريد أبطالا حقيقيين واقعيين ، من لحم ودم ، نراهم ، نتفاعل معهم ، نتواصل ، نتحاور ، نتخاصم ، نختلف ، نتفق ، وقد عثرنا عليهم في شوارع الريف ، وساحات النضال يلوحون بشارات النصر مبتسمين في وجه القهر والعسف والاستبداد، مطالبين بإسقاط الفساد الذي ترعاه دولة الاستبداد النهابة ، غير آبهين بالملاحقة البوليسية ، وسياط الجلادين ، ولا يخافون المنافي و الأقبية.
لكنهم يتطلعون إلى نضالات في مستوى صمودهم وتضحيتهم من أجل وطن حر ديموقراطي يتأسس في المقام الأول على سلطة القانون وسيادته ، وتساوي المواطنات والمواطنين أمام هذا القانون حاكمين ومحكومين ، لأن المساواة الحقيقية هي أساس بناء المجتمع النقيض لمجتمع الرعايا. نعم إنهم يتطلعون إلى فعل حقيقي وليس فقط شعارات أو بيانات أو كتابات على جدران الفايسبوك فعل حقيقي يتمحور حول هدف “إطلاق السراح أولا” بصفته الهدف الأساسي الذي علينا العمل على تحقيقه.