قدم المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد تقريره السياسي والحزبي في بداية أشغال الدورة الخامسة للمجلس الوطني، المنعقد حاليا على مدى يومي 30 نونبر و1 دجنبر بالمركب الدولي ببوزنيقة، في دورة أخذت أسم الفقيد خالد الشجاعي.
ونقدم هنا الجزء الثاني من الجانب المخصص للوضع الوطني.
إعلان فشل النمودج التنموي و تعيين رئيس اللجنة التقنية التي ستعد البرنامج “الجديد”: شكيب بنموسى. لا يمكن أن ننتظر منه الجديد علما أن التوجه الذي أعطي هو أنه لن تكون هناك قطيعة مع السياسات القطاعية و الأوراش الكبرى و الانفتاح على السوق و أنه بدون إحداث قطائع في الاختيارات و التوجهات، لن نحصل على نمودج جديد للتنمية. و لهذا فبعد 20 سنة من حكم محمد 6،تفاقمت الفوارق في ضل غياب إرادة للتوزيع العادل لثروات البلاد و تحقيق العدالة الاجتماعية التي هي أساس التماسك المجتمعي الذي أصبح مهددا بشكل غير مسبوق. استمر النظام النيوبتريمونيالي المبني على الريع و الفساد و الاحتكار و قبول تطبيق برامج التقويم الهيكلي مع انتعاش الاقتصاد المخزني و عدم حماية مصالح الشعب المغربي و خيراته، و التخلي التدريجي للدولة عن الخدمات العمومية من صحة و تعليم تتم تصفيته (المغرب لا يوفر سوى 5،5 سنة للتمدرس مقابل 10 سنوات بالأردن + القانون الإطار 17ـ51) … و عن أدوارها حتى تراجع مجال السيادة الوطنية و تفاقمت التبعية فاليوم يجب مساءلة السلطة المسؤولة عن اتساع الشرخ الاجتماعي و المجالي (المغرب النافع و المغرب الغير النافع و اللامغرب)، ينذر بحراكات شعبية و اجتماعية بالإمكان أن تفضي إلى انفجارسيعصف بالسلم و التماسك المجتمعي.
عزلة اليسار = عزلة مؤسساتية رغم الحضور في الساحة.أصبح غير قادر على إيقاف نزيف التراجعات و ضرب المكتسبات. فرغم العمل الجيد الذي يقوم به البرلمانيان، اليسار غير موجود في تنظيمات العمال و الطلبة و التلاميذ وغير متجدر في المجتمع لا كفكر و لا كفعل أذا ما استثنينا دعمه لحراك الريف و جرادة و الاحتجاجات الاجتماعية و التنسيقيات.
هناك اليوم ما يفوق 13 مليون مغربي غير مسجلون في اللوائح الانتخابية و منهم من يعتبر أن المشاركة السياسية، تصبّ في إعطاء المشروعية لنظام لا يهتم إلا بديمقراطية الواجهة و مؤسسات الواجهة ، لا علاقة لها لا من قريب أو بعيد بترجمة الإرادة الشعبية إلى “سيادة شعبية” و أنه في ضل تفاقم الأوضاع و غياب الإصلاحات المؤسساتية و السياسية، لن يزيد الوضع إلا عزوفا و توجها إلى مقاطعة الانتخابات، بعدما أصبحت مقاطعة بعض المنتوجات كالحليب و الماء وبعض الشركات، نوعا من أنواع الاحتجاج و المقاومة الشعبية. لذا وجب على اليسار أن يشارك في العمل الجماهيري في القرى و الجبال و الأحياء و الدوائر للارتباط بالجماهير و الوقوف إلى جانبه في كل القضايا التي تهمه و إقناعه بالمشاركة السياسية و توسيع دائرة الانخراط و توسيع التنظيم و محيط المتعاطفين، و التهيء للاستحقاقات المقبلة و هو الشيء الذي لم يعد يتقنه اليساريون الذين ينتقذون و لا يشتغلون. و هكذا وصلت التيارات الاسلاموية للحكومة و اليوم نحن أمام سيناريوهات معدّة لاستحقاقات 2021 و كأن اليسار لا وجود له و لا حضوض له و لهذا عليه أن يتحمل مسؤوليته و يستعد للعب أدوار مهمة مستقبلا، فكريا و نضاليا و ميدانيا و أن يكون حاضرا في مختلف الساحات و أن يجيب على سؤال الهيكلة و إعادة البناء و الوحدة. و أن يقدم مشروعه السياسي و الاقتصادي للاجابة على سؤال التنمية والبدائل. و أن يستفيد من الثورة المعلوماتية و التواصلية عبر شبكات التواصل الاجتماعي لنشر ثقافة التنوير و التوعية و رفع مستوى النقاش لتسليح الشباب و تكوينه و تثقيفه لإعداد الكفاءات الشابة القادرة على الفعل بطريقة استراتيجية و بأدوات العصر لكي ترفع تحديات “الاستعمار الجديد” و تساهم في حل الإشكالات و أن تتحرر لتحرر المجتمع ليحصل التغيير الديمقراطي المنشود.
إن الاختيارات المتبعة أوصلت الاقتصاد المغربي إلى النفق المسدود منذ ازيد من 50 سنة و تخلوا عن التخطيط الاستراتيجي و عن ربط المسؤولية بالمحاسبة و التجؤوا للمكاتب الاجنبية.فاستفادت فئة قليلة من الاقتصاد المغربي المبني على الريع و الفساد الذي يتنافى مع أي نمودج تنموي فتفاقمت المديونية و عجز التمويل العمومي و معه فقذان ثقة الفاعلين الاقتصاديين و الاجتماعيين في المؤسسات العمومية
و بناء النمودج البديل يلزم: وضع التصور الاستباقي المرتكز على البحث و التحليل، و يشغل الطاقات و الفعاليات، التصور الذي يميّز طرحنا عن غيره و يخرجنا من عزلتنا، و يتم عبره إشعاع الفكر اليساري بعدما أصبح التلاعب بالمصطلحات يدخل ضمن اللعبة السياسية القذرة. يجب استحضار الصراع الطبقي بشكل يساير الواقع و وضع المصلحة الوطنية في المقدمة والتوزيع العادل للثروة عبر مناهضة الريع و الفساد و الاحتكار و المحسوبية و الرشوة وفك الارتباط بين السلطة السياسية و عالم الاقتصاد و الرجوع للتخطيط في إطار مشروع وطني ديمقراطي وخلق شروط الحرية و التنافسية و التقليص من التبعية التي يفرضها الرأسمال المالي و المؤسسات المالية الدولية، من تقشف و”إصلاح” التقاعد و تراجع الصناعة التي تنتج قيمة مضافة في الوقت الذي يجب الاهتمام بالبحث العلمي و بالذكاء الرقمي و بالحفاظ على التوازنات الاجتماعية و البيئية و الشروع في الإصلاحات الأساسية لفصل السلط و كذا فصل السلطة السياسية عن عالم المال و الأعمال و استقلال و نزاهة القضاء وإصلاح الإدارة و التعليم العمومي الموحد و المجاني و الذي يحرر الفرض و يحقق تكافؤ الفرص و توفير الخدمات العمومية للحفاظ على التماسك المجتمعي و الاهتمام بالتغير المناخي و قضايا الهجرة و الديمغرافيا و التمدن و دراسة التجارب العالمية التي تحقق نموا و تخلص من ثقل المديونية و ترجع الثقة للمستثمرين المحليين و الأجانب ( هناك شركات للتنمية تستحود على أسواق في مجمل مراحلها و تنفي دور المنتخبين ….) و تؤهل العمل السياسي و الجمعوي للعب دور المحرك للتغيير الديمقراطي و تخلق شروط بناء دولة قوية، دولة المؤسسات، لا تقوم فقط بالتحكيم و إنما تقود مؤسسات عمومية استراتيجية أساسية، مادام القطاع الخاص يفضل القطاعات السريعة الربح، بعيدا عن المخاطرة و تقوم بمراجعة اتفاقيات التبادل الحر التي ليست في مصلحة تنمية بلادنا.
تراجع في مجال الحقوق و الحريات و استمرار ديمقراطية الواجهة + و هكذا يبقى من أهم سمات الوضع، استمرار سياسة الإلهاء و تغليط الرأي العام الوطني في محاولة تلميع صورة المغرب على المستوى الخارجي.بينما يستمر الضبط الأمني، أكثر ضراوة، باسم محاربة الإرهاب و من أجل حماية الحدود الجنوبية من أمواج المهجرين الأفارقة الفارين من الحروب و التصحّر ونذرة المياه الصالحة للشرب و تراجع الأراضي الصالحة للزراعة، ضروف تستغل لمقاربة أمنية أصبحت جوابا على أزمة اجتماعية خانقة، لكي لا تصيب عدوى الاحتجاج جهات أجرى منذ انطلاق الحراك الشعبي بالريف.بينما يستمرّ السكوت على استعمار سبتة و مليلية و الجزر الجعفرية و يبقى ملف الصحراء أداة للضغط علينا و استنزاف خيراتنا.