أعتقد أن الإعلان عن ميثاق الأغلبية يستدعي الملاحظات الخمس التالية:
1 – عندما نتأمل في العنوان نجد انه ينص على ميثاق الأغلبية للولاية التشريعية 2016/2021، بينما هذا الميثاق لم يوقع إلا في حدود 19فبراير 2018، ومعناه أن الميثاق لا يغطي الفترة الزمنية للولاية بشكل كامل. وبالتالي هذا يعكس زمنا ضائعا أو هدرا لسنتين من الزمن السياسي الذي نعرفه منذ مدة.
2 – عندما نقرأ منطلقات الميثاق نجد أن هنالك الإشارة إلى مقتضيات الدستور وللتوجيهات الملكية فقط ولا ذكر لمنطلقات أخرى للأغلبية نفسها وهذا دليل على أن لا شيء يجمع الأغلبية. كما أنها لم تصل إلى حد الآن إلى صياغة ما يجمعها. وهذه هي الحقيقة التي تؤكد أن الأمر يتعلق بتجميع قسري من غير إرادة الأحزاب المشكلة لهذه الأغلبية، وبأنها فاقدة الاستقلالية، وبالتالي لا يمكن تغطية هذا الوضع بالرجوع إلى الدستور وخاصة فصله الأول لأن هذا الفصل لا يخص الحكومة ولا الأغلبية، لأنه عمليا هو دستور ووثيقة للمغاربة بصفة عامة.
3 – وتتعلق بالمحاورالتي وردت فيما سماه الميثاق إصلاحات وأوراش وهي في الحقيقة لا تتعدى كونها إنشاء من دون معنى وبلا روح، وهي في الواقع مرتبطة بالكلام المتداول والمكرور الذي ينفر الناس منه.
4 – وهي الملاحظة التي تجعلني أعتبر هذا الميثاق هو بمثابة ميثاق التحكم لأن المنهجية التي اعتمدها هي منهجية التحكم بحيث أن ما ورد في هذه الأخيرة لا يستهدف سوى التحكم في الأحزاب المشكلة للأغلبية وقياداتها وفي برلمانييها سواء بالغرفة الأولى أو الثانية. وما يؤكد هذا هو ما جاء في الفقرة المتعلقة بآليات تفعيل الميثاق، والتي هي عبارة عن أدوات الضبط والتحكم وليس للأداء والتدبير.
5 – نقرأ باستغراب في الميثاق تنصيب سلطة عليا أطلق عليها اسم “هيئة رئاسة الأغلبية”، وتضم الأمناء العامين لأحزاب الأغلبية التي يترأسها رئيس الحكومة، الذي هو في نفس الوقت أمين عام حزب العدالة والتنمية. وبالتالي فكأننا اليوم أمام هيئة فوق المؤسسات الدستورية، فوق الحكومة وفوق البرلمان بغرفتيه وتتحكم في البرلمانيين في الغرفتين معا، وهذا يعكس وضعا نشازا، لاسيما وأنه من المرتقب غدا أن يطرح الناس سؤالا عمن سيحاسبون؟ هل سيحاسبون الحكومة أم البرلمان الذي من اختصاصه أصلا مراقبة الحكومة؟ أم سينتظرون ماذا ستعمل هذه المؤسسة أو الهيئة الجديدة (هيئة رئاسة الاغلبية)؟ وهذا ما سيخلق بالتأكيد وضعا سياسيا آخر في المغرب أكثر التباسا وإثارة!؟