فتوى “أمينة بوعياش” في نازلة الاعتقال السياسي: ما لها وما عليها.

فتوى “أمينة بوعياش” في نازلة الاعتقال السياسي: ما لها وما عليها.
فتوى “أمينة بوعياش” في نازلة الاعتقال السياسي: ما لها وما عليها.
 جرى التمييز عادة في مجال حقوق الإنسان بين معتقل الرّأي والمعتقل السياسي ومعتقل الحق العام. وما يعنينا في هذا المقام: معتقل الرّأي والمعتقل السياسي، اللذان يدخلان في باب الفكر السياسي والحقوقي، أي: الاعتقال الناتج عن ممارسة نشاط معين له صلة بالمجال السياسي والحريات العامة.

أثار تصريح أمينة بوعياش مؤخرا الذي نفى وجود معتقلين سياسيين بالسجون المغربية ضجّة كبرى وردود فعل قوية من طرف الفاعلين السياسيين والحقوقيين. وبما أن المسألة حقوقية ويقتضي الأمر احترام حق أمينة بوعياش في التعبير والرّأي، فإن الحق في التعبير والرّأي، وخصوصا، إذا كانت ناطقة باسم مؤسسة دستورية، يقتضي أيضا احترام شروطه المتعارف عليها دوليا في مجال المؤسسات الرسمية لحقوق الإنسان، ومن بينها تعليل الرّأي.

نريد حقا أن نعرف المرجعية الحقوقية التي اعتمدتها السيدة أمينة بوعياش في استصدار هذا الحكم. مع العلم أن الدستور المغربي والقانون الجنائي لم يعرِّفا مفهوم “المعتقل السياسي”، بل ذهب هذا الأخير إلى التعريف بالجريمة السياسية، أي: “المجرم السياسي”. وفي أدبيات حقوق الإنسان هناك فرق بين “المجرم السياسي” وبين “المعتقل السياسي”. وإذا كان المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي تترأسه السيدة أمينة بوعياش مؤسسة دستورية، فإنّ المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب يعتمد بالأساس على المؤسسات الوطنية التابعة للجنة التنسيق الدولية (ICC)، أي في الامتثال الكامل لمبادئ باريس (المعايير الدولية التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1993 في إطار عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان على نطاق واسع باعتبارها مصدر الشرعية والمصداقية)، كما هو معروف.

بمعنى أن معايير التمييز بين المفاهيم الحقوقية ينبغي أن يكون مستمدا من المعايير الدولية في ظل غياب معايير محلية/وطنية. صحيح أن التصنيف الذي اعتمدته هيئة الإنصاف والمصالحة للاعتقال السياسي يعدّ مرجعا مهما لتقعيد مفهوم “الاعتقال السياسي” فكريا وقانونيا، ولكن ليس مؤهلا بعد للاعتماد عليه في استصدار أحكام من هذا القبيل. وفي ظل غياب شبه تام لأي تعريف لمفهوم “المعتقل السياسي”، كان على السيدة أمينة بوعياش أن تتحرّى الدِّقّة والموضوعية والنزاهة في التعبير عن رأيها الذي صار بدوره الرأي الرسمي للمؤسسة، وهو رأي يقوم مقام استصدار حكم حقوقي رسمي على وضعية الاعتقال السياسي بالمغرب. وفي ظلّ غيّاب تعليل مفصّل لدواعي استصدار هذا الحكم القاضي بعدم وجود معتقلين سياسيين بالمغرب، تبقى الردود الفعل المتباينة التي تستنكر رأي رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتستصغر موقفها غير المعلّل مبرّرة.

أحمد الفرحان