تقديم :
لقد تزايد اهتمام المجتمع الدولي بصفة عامة والمغربي بصفة خاصة بإشكالية البيئة مما جعلها تحتل موقعا متميزا ضمن النقاشات المتعلقة بسياسات وإستراتيجية التنمية، وقد فرضت هذا التموقع عدة عوامل من أهمها التدهور البيئي، وتكاثر بؤر التلوث على الصعيد العالمي، مما أثار تساؤلات حول مستقبل ومصير الحياة والبيئة فوق كوكب الأرض، ولقد تم التعبير عن هذا الهاجس في قمة الأرض حول البيئة والتنمية التي انعقدت بريودي جانيرو سنة 1992، ولقد برز على مستوى العالمي توجه يعتمد على مقاربة إدماج البعد البيئي في مسلسل التنمية من خلال مفهوم التنمية المستديمة الذي يكرس العلاقة بين البيئة والتنمية ولقد اعتمد المغرب رسميا هذا التوجه بتوقيعه على المـذكـرة 21 أو برنامج العـمل البيئي الدولي ومصادقته على الاتفاقيات الدولية المنبثقة عنه.
ومن المعلوم أن المغرب عرف تدهورا ملموسا للبيئة نتيجة التزايد الديمغرافي واتساع المجال الحضري والنمو الاقتصادي والضغط على الموارد الطبيعية وتدهور المشهد الحضري وانتشار الأحياء الهامشية إضافة إلى التدهور الكمي والكيفي للموارد المائية وتهديد التنوع البيولوجي وتراجع الغابات وانجراف التربة واحتداد ظاهرة التصحر وتزايد أشكال التلوث وانعكاس كل ذلك على الإطار المعيشي والصحي للسكان .
وتظل الوضعية البيئية بالمغرب مقلقة خاصة مع غياب آليات تشريعية واقتصادية و إعلامية تتسم بالنجاعة والفعالية إضافة إلى أن تشعب قضايا البيئة واختلاف مصادرها وتعدد المهتمين بها يجعل منها مسؤولية الجميع مما يستلزم تكثيف مجهودات كل القوى الحية بالبلاد من أجل بناء بيئة سليمة وفي هذا الإطار تعتبر الشراكة مع المنظمات غير الحكومية محورا أساسيا لتنفيذ السياسة البيئية كما تجدر الإشارة إلى المجهودات التي قامت بها مجموعة من الجمعيات لحماية البيئة وفضح كل الممارسات المضرة ببيئتنا .
II –معطيات عامة حول الوضع البيئي بالمغرب :
تتجلى أهم المعطيات والمؤشرات البيئية في :
– المساحة العامة للمملكة 710850 كلم2 ؛
– السواحل : المحيط الأطلسي 2934 كلم2 ، البحر الأبيض المتوسط 512 كلم2؛
– عدد السكان 29631000 نسمة ؛
– نسبة نمو السكان 1,6 % (1994-2002) ؛
– نسبة الساكنة الحضرية في محور البيضاء القنيطرة 37,3 % (2002) ؛
– نسبة التمدن 56,6 % (2002) ؛
– الناتج الداخلي الخام 397.781,9 مليون درهم (بالأسعار الجارية) ؛
– نسبة نمو الناتج الداخلي الخام 2,6 %(المعدل السنوي ما بين 1990 و2000)
– معدل الحياة 70 سنة ؛
– نسبة الحضارة في المجال الحضري (15 سنة وما فوق 18,3 %) ؛
– نسبة الأمية عشر سنوات وأكثر 45,6 % ؛
– نسبة الوفيات عند الأطفال أقل من 5 سنوات 45,8 لكل ألف ولادة ؛
– نسبة الساكنة التي تعيش داخل عتبة الفقر 19 % ؛
– نسبة التمدرس الصافي في الابتدائي 92,1 % (2002-2003) ؛
– نسبة السكن الغير اللائق 11,5 % .
* الخدمات الاجتماعية الأساسية :
– – نسبة التزود بالماء الصالح للشرب في المجال القروي7.8 % ؛
– – نسبة التزود بالماء الصالح للشرب في المجال الحضري 81.7 % ؛
– – نسبة الارتباط بشبكة التطهير 51,9 % ؛
– – نسبة المياه العادمة المعالجة 2 % ؛
– – نسبة معالجة النفايات المنزلية 1 الى 2 % .
* استعمال التربة :
– 9 ملايين هكتار أراضي فلاحية ، 65 مليون هكتار أراضي للرعي، 9 ملايين هكتار من الغابات(12,6 % من مساحة المملكة) .
* التنوع البيولوجي :
– – 37 نظام ايكولوجي أرضي ؛
– – 24534 من الوحيش وحوالي 7000 نوع من النباتات .
* قيمة تدهور البيئة : 20 مليار درهم سنويا
III الحالة البيئية والرهانات الاقتصادية:
إن تشخيص الحالة البيئية بالمغرب قد أفضى إلى كون الموارد الطبيعية تجد صعوبة بالغة في التجدد وضمان ديمومتها، مما يمثل عائقا كبيرا أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا ويتجلى ذلك في:
– – وسط طبيعي متميز بتنوع بيولوجي غني ولكن مهدد بالانقراض، استغلال مفرط وتدهور للمجال الغابوي، ساحل مهدد بكيفية مستمرة وواحات في طريق الاحتضار ؛
– – تربة هشة بسبب مشكل الانجراف وارتفاع نسبة الملوحة بالإضافة إلى زحف التعمير على الأراضي الفلاحية ؛
– – تدهور خطير لجودة الموارد المائية، حيث تم ترتيب المغرب في الرتبة 121 من أصل 122 دولة حسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للعلوم وللتربية والثقافة وذلك نتيجة للتأخر الهائل في معالجة المياه العادمة ؛
– – تهديد محتمل للصحة العمومية بسبب تدهور جودة المياه والهواء في أهم الحواضر ؛
– – تدبير غير معقلن للنفايات الصلبة، يتجلى أساسا في انعدام المطارح المراقبة ؛
وتقدر تكلفة تدهور البيئة ببلدنا حسب الإستراتيجية الوطنية لحماية البيئة والتنمية المستدامة لسنة 1995، بحوالي 20 مليار درهم أي ما يماثل 8,2 ℅ من الناتج الوطني الخام، وتعتبر أهم مسببات التدهور البيئي فيما يلي :
– النقص وعدم التناسق للتشريعات والقوانين الجاري بها العمل ؛
– مراقبة غير ناجعة لمجال استغلال الموارد الطبيعية؛
– تنسيق غير ملائم للبرامج ذات البعد البيئي على المستوى المركزي والجهوي والمحلي ؛
– تأخر مثير في انجاز برامج الوقاية والمحافظة على الموارد الطبيعية (معالجة التلوث، تهيئة الأحواض المائية …) بالرغم من كون هذه البرامج تمثل رهانا اقتصاديا واجتماعيا مهما بالنسبة للبلاد ؛
VI-عناصر الإستراتيجية الوطنية لحماية البيئة :
لمواجهة أهم المشاكل البيئية التي تعيشها بلادنا لابد من إعداد إستراتيجية يساهم فيها مختلف الفاعلين من جمعيات مؤسسات حكومية من أجل المحافظة على البيئة وذلك على المدى المتوسط والبعيد، وتتضمن هذه الإستراتيجية سبعة برامج متآلفة متكونة من 162 مشروعا :
– برنامج الحماية والتدبير المستدام للموارد المائية يتضمن 18 مشروعا متعلقا بتدعيم التدبير المندمج للموارد المائية وتحسين التدبير المياه الباطنية وكذا ظروف التزود بالماء ومحاربة التلوث؛
– – برنامج الحماية والتدبير المستدام للتربة، ويتضمن 12 مشروعا متعلقا بمكافحة التعرية وتحسين تدبير التربة ؛
– – برنامج حماية الهواء وتشجيع الطاقات المتجددة ويشتمل على 18 مشروعا خاصا بتنمية الطاقات المتجددة وتحسين جودة المواد البترولية ؛
– – برنامج الحماية والتدبير المستدام للوسط الطبيعي خاصة المجال الغابوي والواحات والساحل ويتضمن هذا البرنامج تدعيم القدرات في ميدان التدبير المستدام للتنوع البيولوجي وإنقاذ الواحات ووضع برنامج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لساكنة الجبل؛
– – برنامج الوقاية من الكوارث الطبيعية والأخطار التكنولوجية الذي يشتمل على مجموعة من الإجراءات المتعلقة بتحسين المعرفة حول الأخطار الطبيعية والتكنولوجية ؛
– – برنامج تحسين البيئة الحضرية والشبه حضرية ويتضمن مشاريع متعلقة بدعم انجاز برامج التطهير السائل والصلب ؛
– – برنامج التدبير والتواصل البيئي .
ولترجمة هذه البرامج هناك مخطط عمل على المدى القصير (2003-2004) ويتمحور هذا المخطط على:
– – تدعيم الإطار القانوني والتشريعي عبر المصادقة على قوانين ومراسيم ومعايير متعلقة بالبيئة وكذا إنشاء جهاز للمراقبة يمكن من تتبع استغلال الموارد الطبيعية ومدى احترام القوانين الجاري بها العمل؛
– – تدعيم تنسيق المبادرات في مجال البيئة ؛
– – تشجيع مجال معالجة المقذوفات السائلة والهوائية والصلبة ؛
– – تدعيم الآليات الاقتصادية والمالية من أجل الحث على انجاز برامج تهدف إلى حماية الوسط الطبيعي ؛
– – التشجيع والمساهمة في إعداد برامج مندمجة من أجل دعم انجاز مشاريع تهدف إلى الوقاية والمحافظة على الموارد الطبيعية ؛
– – انجاز برنامج تحسيسي حول أهمية حماية البيئة (الأكشاك الخضراء) ؛
– – مواكبة التأهيل البيئي للمقاولات وإقرار نموذج الإنتاج النظيف .
إن انجاز هذا المخطط ستكون له انعكاسات سوسيو-اقتصادية – تتجلى أساسا في المساهمة في محاربة الفقر وخلق مناصب للشغل إضافة إلى تحسين التنافسية والفعالية الاقتصادية للمقاولات ويمكن التركيز على :
1 الإطار القانوني والمؤسساتي : وذلك بهدف وتعزيز الممارسات وتدعيم المحافظة على البيئة ، واحترام التزامات المغرب في المعاهدات والاتفاقيات الدولية وتشجيع الاستثمار ودعم دور المراقبة البيئية والتأهيل البيئي للنسيج الاقتصادي الوطني .
2 تشجيع المشاريع المندمجة : المساهمة في التمكين من تدبير النفايات الصلبة المنزلية وتثمينها في الفلاحة البيولوجية والمشاركة في انقاد الواحات في المناطق الجنوبية ( محاربة التصحر ) تشجيع التنمية المستدامة والمندمجة بحوض سبو، ترميم موقع منجم جرادة وتحسين إطار العيش لساكنة المدينة وتشجيع التدبير المستدام للساحل .
3 الحد من تلوت الهواء : وضع محطات لمراقبة جودة الهواء المساهمة في الحد من نسبة الثلوت الناتج عن النقل داخل الوسط الحضري( إدخال غاز البترول المسيل GPL) كوقود في قطاع النقل ، تشجيع استعمال التقنيات التي تحترم القوانين الجار بها العمل ومشاريع المعايير المغربية للمحافظة على البيئة والحد من استعمال المواد الإحيائية والعجلات المستعملة.
4 تحسين تدبير النفايات : الحد من استعمال أكياس البلاستيك التي تشوه الطبيعة وتهدد النباتات والحيوان ، التخفيف من التأثير على البيئة والصحة العمومية الناتج عن القطاع الصناعي ، تحسين القيمة المضافة وفرد العمل في القطاع الصناعي وتشجيع المنظمات غير الحكومية للمساهمة في المحافظة على البيئة ، الحد من الثلوت وتثمين رسكلة الزيوت المستعملة .
التحسيس والتربية البيئية : تحسيس السكان بالمحافظة على البيئة وتحسين التزويد بالطاقة في العالم القروي ، تشجيع الشغل في العالم القروي وتنمية القدرات المحلية ، تحسيس رواد الشواطئ بالمحافظة على البيئة وضع منتوج سياحي يتوافق مع المعايير الوطنية والدولية رهن إشارة المصطافين وتشجيع الشراكة الناجعة مع جميع الشركاء ، المساهمة في حماية وتثمين الثرات الطبيعي ( المواقع ذات الأهمية البيولوجية والإيكولوجية SIBE) مع ضمان عائدات قارة للساكنة المحلية ( ملحوظة : للمزيد من التفاصيل أنظر الملحق ) .
V – أي مهام لحزب اليسار للحفاظ على سلامة البيئة :
إن حزب اليسار باعتباره إطارا سياسيا يهتم بمختلف المجالات الحياتي والاقتصادية والاجتماعية للإنسان المغربي بما في ذلك البيئة باعتبارها عنصرا أساسيا في التنـمية المستـديمة موكول إليه أن يلعب دورا طلائعي لحماية وسلامة البيئة وذلك من خلال :
· تشكيل لجنة دائمة لمتابعة ومراقبة كل البرامج الرسمية والغير الرسمية الخاصة بالمجال البيئي والاتفاقيات الدولية مع المنظمات غير الحكومية ؛
· تفعيل الجانب التشريعي من خلال مختلف المؤسسات الجهوية والوطنية التي لنا بها تواجد وخاصة المجموعة البرلمانية لحزب اليسار الاشتراكي الموحد ؛
· تنسيق عمل الجمعيات المهتمة بالمجال البيئي والتواجد بها ؛
· ربط علاقات مع الأحزاب الأوروبية والدولية ذات الاهتمام بالبيئة والاستفادة من تجاربها؛
· تخصيص مجال بالجريدة للتحسيس والتوعية والانفتاح على الفاعلين بالمجال البيئي والتعريف بالاتفاقيات الدولية والبروتوكولات المهتمة بالبيئة كبروتوكول طوكيو الخاص بآليات التنمية النظيفة؛
· العمل ضمن برامج الحزب على تبني سياسة شاملة ومندمجة من أجل امتلاك تصور تستقبلي لتدبير الماء والمناخ والحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي والايكولوجي للمغرب .
· صياغة سياسة بيئية واضحة , وتفعيل المؤسسات ذات العلاقة بالتلوث.
· تبني النموذج التنموي الملائم بيئيا .
· إعداد الأطر المؤهلة لذلك و التقويم الدوري للحالة البيئية .
· تشجيع البحث العلمي والثقافة البيئية .
· الأخذ بمبدأ تقويم آثار الأنشطة البشرية على البيئة و تجريم كل الأعمال المضرة بها.
· إدخال الكلفة البيئية ضمن دراسات الجدوى .
· ترشيد استعمال الموارد الطبيعية .
· اعتماد تكنولوجيا غير ملوثة .
· التخفيف من التلوث البيئي, والمساهمة في كلفة إصلاح الأعطاب البيئية.بفرض رسم ضربي لذلك .
· الشعور بالمسؤولية تجاه البيئة وحمايتها وتنميتها و المشاركة في مجهودات الرامية لذلك .
· الاستخدام الأمثل للموارد من أي موقع كان .
· التمسك بالأخلاقيات البيئية .
· الحرص على دعم مجهودات التربية البيئية في المحيط الأسري والمهني , والمجتمعي .