لقد شكلت الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتبطة بالقمع السياسي انشغالا أساسيا لمجموع الحركة الحقوقية و الديمقراطية ببلادنا، ذلك أن سياسة القمع الممنهج للدولة في مواجهة معارضيها خلفت منذ الاستقلال عشرات ألآلاف من ضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي كان أبرز عناوينها الاختفاء القسري، التعذيب المؤدي إلى الموت في العديد من الحالات، الاعتقال التعسفي، المحاكمات الجائرة، الإعدام خارج نطاق القانون، القتل الجماعي أثناء الهزات الاجتماعية الكبرى، النفي القسري خارج الوطن والتجريد من الممتلكات.
من أجل الكشف عن الحقيقة في ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
في سياق التفاعل مع المستجدات السياسية المرتبطة بملف حقوق الإنسان، وترجمة الموقف المعبر عنه من طرف حزبنا بخصوص إحداث وتعيين هيئة الإنصاف والمصالحة والذي عبر عنه نشطاء ونشيطات الحزب والقاضي بالتعاطي الإيجابي مع هذه الهيئة. وحيث أن هيئة المصالحة والإنصاف بالمضامين التي حددها خطاب تعيينها باعتبارها بمثابة لجنة للحقيقة، وكذا الإجراء الذي صاحبها والمتمثل في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين إشارة إيجابية تتجاوب مع عقود من النضال الحقوقي والديمقراطي والدينامية التي أطلقتها الحركة الحقوقية والقوى الديمقراطية من خلال نضالها ومقترحاتها بشأن الكشف عن الحقيقة والتي ساهم فيها الحزب بفعالية. وحيث أن الكشف عن الحقيقة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقضايا ذات الصلة من جبر الضرر والتسوية العادلة والمنصفة للضحايا وكذا الآليات القانونية والسياسية الكفيلة بالحيلولة دون تكرار ما جرى، هذه الغايات التي تتأطر ضمن إستراتجية الحزب ونضاله السياسي من أجل الإصلاح السياسي والدستوري. وتأسيسا على التعاطي الإيجابي والنقدي مع الهيئة من خلال مواكبة نشاطها، وتحويل عملها إلى ورش وطني عام يشتغل عليه الفاعلون في مختلف المجالات المجتمعية، يتم خلاله فتح جميع الملفات التي من شأنها المضي نحو معرفة ما جرى، والكشف عن الحقيقة بمختلف تجلياتها. واعتبارا لضرورة إرساء الأسس والضمانات القانونية لعدم الإفلات من العقاب في إطار النضال من أجل الانتقال إلى الديمقراطية.واستلهاما للخلاصات الأساسية للتجارب العالمية في موضوع
الكشف عن الحقيقة والمصالحة. انطلاقا مما سبق، ومن أجل المساهمة في الطي العادل والمنصف لملف ألانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ببلادنا، وبناءا على مبادئ حزب اليسار الاشتراكي الموحد، الواعي بدوره الحيوي ومسؤوليته في الكشف عن الحقيقة بمفهومها الشامل، وباعتباره قوة عمل إقتراحية، والملتزم بمعايير حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا أعد مذكرة ذات صلة بموضوع الانتهاكات الجسيمة تتضمن مايلي:
– مبادئ ومواقف الحزب المعبر عنها في أكثر من مناسبة أخرها المذكرة التي تقدم بها مؤخرا بمناسبة تعيين لجنة الحقيقة والمصالحة.
– مبادئ ومقتضيات القانون الدولي الإنساني.
– المعايير المعتمدة في التجارب الدولية في مجال لجان الحقيقة.
– الخطوات التي أنجزتها الحركة الحقوقية والديمقراطية وعلى رأسها المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة والتي شارك فيها حزبنا والتزم بخلاصاتها.
– التراكمات المحققة في ملف الانتهاكات الجسيمة من طرف الحركة الديمقراطية المغربية.
مطالب و مقترحات الحزب، إجراءات عامة من شأنها توفير أجواء لنجاح أكبر.
وحيث أن وظائف التوصية قد حددت في المهام التالية:
– إجراء تقييم شامل لمسلسل تسوية ملف الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي.
– إجراء الأبحاث في حالة الاختفاء القسري التي لم يعرف مصيرها بعد.
– إجلاء الوقائع التي لم يتم الكشف عنها بعد.
– جبر الأضرار بما في ذلك إعداد توصيات تهم قضايا الإدماج الاجتماعي والتأهيل الصحي.
– فتح أجل جديد لتلقي طلبات التعويض.
– محو أثار الانتهاكات.
– اتخاذ تدابير لكي لايتكرر ماجرى.
– إنهاء ظاهرة الاعتقال لأسباب سياسية وإطلاق سراح ما تبقى من المعتقلين في قضايا ذات صبغة سياسية بعد العفو الملكي الأخير.
– وضع حد للانتهاكات الخطيرة والتجاوزات التي عرفها المغرب بعد أحداث 16 مايو الإجرامية.
– إلغاء عقوبة الإعدام.
– المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التصريح بقبول المغرب لاختصاصات لجنة مناهضة التعذيب للنظر في الشكاوي الفردية.
– الإسراع برفع كافة التحفظات الواردة على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها واستكمال الانضمام للمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان.
إن حزب اليسار الاشتراكي الموحد إذ يسجل إيجابية فتح ملف الانتهاكات الجسيمة من جديد واعتماد مقاربة مغايرة للمقاربة الاختزالية السابقة، فإنه يسعى للعمل على أساس ترجمة مواقف الحزب حول الانتهاكات الجسيمة وذلك في أفق الكشف عن الحقيقة بكافة تجلياتها:
لأجل ذلك نرى في حزب اليسار الاشتراكي الموحد ضرورة توسيع جدول مهام واختصاصات الهيئة إلى الموضوعات التالية:
– الإعدام خارج نطاق القانون.
– التعذيب المفضي للموت أو الذي تترتب عنه عاهات مستديمة.
– المحاكمات الغير العادلة.
– الانتهاكات المرتكبة أثناء الأحداث الاجتماعية الكبرى ( تظاهرات… انتفاضات ).
– قضايا النفي الاضطراري أو الاختياري بسبب الاضطهاد السياسي.
– مراجعة الأساس التحكيمي لتعويض الضحايا والذي اعتمدته هيئة التحكيم.
إن الحيثيات المذكورة في تقديرنا من شأنها أن تساهم في رسم الإطار العام لتحقيق مطالب الضحايا والاستجابة للتطلعات المجتمعية نحو الطي النهائي لملف الانتهاكات الجسيمة. وعليه يجيب العمل على:
مشاركة المجتمع المدني والفاعلين السياسيين والاستعانة بدوي الخبرة.
لأن ملف الانتهاكات الجسيمة يهم المجتمع المغربي، فإننا في حزب اليسار الاشتراكي الموحد نرى ضرورة إشراك هيأت المجتمع المدني والاستعانة بالمنظمات الحقوقية والدولية وخلق آلية للتشاور وتبادل وجهات النظر وكذلك مع الخبراء في هذا المسلسل بغية ضمان نجاحه بشكل أقوى.
الإعلام والإخبار .
من أجل ضمان متابعة مستمرة، نقترح تجنيدا مكثفا لوسائل الإعلام العمومية والخاصة وإصدار نشرة إخبارية دورية من أجل:
إطلاع المعنيين والرأي العام والإخبار بالأشواط والمراحل التي قطعتها الهيئة في عملها.
الإخبار بالمهام والوظائف.
القيام بالمهام التحسيسية.
تمكين الحركة الحقوقية وكافة المعنيين من المساهمة في الحملة التحسيسية عبر وسائل الإعلام العمومية.
الكشف عن الحقيقة.
استنادا للمعايير المعتمدة دوليا في موضوع الانتهاكات الجسيمة، يستوجب الكشف عن الحقيقة:
– تحديد مفهوم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الشئ الذي يطرح بالضرورة توسيع صلاحية الهيئة ليشمل البحث في كل أنواع الانتهاكات الجسيمة.
– إجراء تحقيقات معمقة وموضوعية وشاملة حول كل الملفات والوقائع والشكاوي ذات الصلة.
– تحديد أسباب وظروف الانتهاكات وكذلك مرتكبيها وضحاياها.
– اعتماد الشهادات في الصحف والكتب المنشورة واعتبارها وثائق يجب تمحيصها لما تتضمنه من معطيات قد تساعد على كشف الحقائق.
– الاستناد على الوثائق والملفات الموجودة لذا الهيئات الحقوقية باعتبارها وثائق تساعد على التعرف على وقائع الانتهاك.
– توفير الضمانات لحماية الشهود والضحايا لتحفيزهم على الكشف عن الحقيقة.
– تنظيم جلسات استماع عمومية للشهادات بحضور وسائل الإعلام.
– الاستماع إلى شهادة الضحايا وفق منهج يسمح بالإحاطة بكافة الوقائع وعبر كل الفترات التاريخية وكل المناطق التي شهدت الانتهاك.
– تشجيع الشهود وخاصة من بين مرتكبي الانتهاك، على الإدلاء بشهاداتهم وتوفير الحماية اللازمة لهم.
– تنظيم لقاءات محلية للاستماع إلى الساكنة وتدوين أرائهم بخصوص بعض الأحداث.
– الكشف عن مصير كافة المختفين قسرا مجهولي المصير، ووضع لائحة بأسمائهم وتوضيح المسار الذي أدى إلى المآل الذي عرفته حالاتهم.
– تسليم الرفات إلى دويهم الراغبين في ذلك وتمكينهم إن هم أرادوا ذلك من نقلها إلى المدافن التي يرتئونها.
– فتح ودخول ومعاينة كافة المراكز السرية أو التي يشتبه أنها استعملت كمراكز سرية للاعتقال.
– تمكين هيأة المجتمع المدني من تتبع مختلف أطوار عمل الهيئة.
– القيام بحملات إعلامية تحسيسية لتوضيح حجم ومدى الانتهاك والعوائق السياسية والاجتماعية والأخلاقية التي تنتج عنه،وجعل الضحايا في القلب من هذه الحملة.
– تمكين الهيئات الحقوقية والفاعلين السياسيين والضحايا من وسائل الإعلام العمومية في إطار برامج خاصة لشرح وجهة نظرهم من خلال تنظيم نقاش وطني فكري وسياسي وقانوني حول ملابسات الانتهاك.
الحق في التعويض.
الإقرار بالحق في التعويض العادل والمنصف لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وعليه أن يشمل:
– الاختطاف والاحتجاز بدون سند قانوني من طرف أشخاص لا صفة لهم.
– تجاوز مدة الاحتجاز للآجال القانونية لأسباب سياسية أو نقابية أو جمعوية.
– الاحتجاز على إثر الأحداث الاجتماعية الكبرى والتي رافقتها انتهاكات جسيمة تتمثل في التعذيب وسوء المعاملة والتسبب في الوفاة أو في الاختفاء.
– الاحتجاز التعسفي الذي أعقبته محاكمات سياسية انتهت بالبراءة، أو بالإدانة وتميزت بغياب ضمانات المحاكمة العادلة.
– الاغتراب حيث وجد بعض الضحايا أنفسهم خارج الوطن بسبب مخاطر التعسف نتيجة أنشطتهم السياسية أو النقابية أو تلك المتصلة بحرية الرأي والتعبير، ودون الاستفادة من الحماية القانونية، والذي تبث أن كانوا موضوع مضايقات أو بحث وتفتيش أو وردت أسماؤهم في صكوك الاتهام أو القرارات القاضية بصفة غيابية.
معايير التعويض.
لكي يكون التعويض عادلا ومنصفا للضحايا ودويهم، فإننا في حزب اليسار الاشتراكي الموحد نقترح أن يتم اعتماد الأسس التحكيمية التالية:
1– حجم الأضرار الجسدية والمادية والمخلفات النفسية والاجتماعية.
2-السن منذ الاختفاء وتأثيره على النشاط التجاري أو المهني…. .
3-الدخل الذي كان المعني يتوفر عليه مع مراعاة التطورات الحاصلة في هذا الباب.
4-الحالة العائلية، وأثر الانتهاك على المستوى الاجتماعي.
5-المصاريف التي تكبدها الضحية أو عائلته خلال مدة الاختفاء أو الاعتقال.
المساطر والإجراءات.
1- تعزيز وتطوير الضمانات المسطرية التي اعتمدتها هيئة التحكيم السابقة، وإقرار نظام التحقيق في كل قضية وإمكانية منح تعويض مسبق، ووجوب تعليل المقرر التحكيمي في حالة الرفض.
2- إضافة إمكانية المطالبة بمقررات تحكيمية اعتبارية.
جبر الضرر واسترداد الحقوق:
– ألأخذ بعين الاعتبار مفهوم جبر الضرر كما هو مكرس في المعايير الدولية لحقوق الإنسان والذي يتضمن الأشكال التالية:
– الإستراد، أي إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الانتهاكات.
– التعويض وهو يقدر ماليا ويعوض أساسا عن:
1-الضرر الجسدي، المعنوي، ضياع الفرص بما في ذلك فرص العمل والتكوين.
2- الأضرار المادية وفقدان المداخيل.
3- المس بالسمعة والكرامة.
– – إعادة التأهيل الاجتماعي والنفسي وتسهيل الولوج إلى الخدمات القضائية.
– جبر الضرر المعنوي وعدم التكرار ويتضمن:
1- وقف الانتهاكات الجارية.
2- الإعلان الرسمي عن رد الاعتبار وتكريم الضحايا.
3- الاعتذار والاعتراف بالوقائع والإقرار بمسؤولية الدولة.
4 – إقرار تدابير وإصلاحات إدارية وقضائية وتشريعية ودستورية لضمان عدم التكرار.
التقرير النهائي.
يشكل التقرير النهائي الذي ستصدره الهيئة النبراس الحقيقي والأساسي لتوفقها في الرسالة الملقاة على عاتقها، إذ فضلا على أنه يشكل تركيزا لعمل وخلاصات الهيئة وتصوره لما وصلت إليه من حقائق حول ما جرى والملابسات والحيثيات المرتبطة بالواقع، فإنه بالضرورة سيتضمن الخلاصات والتوصيات والآليات التي من شأنها أن تضمن عدم تكرار ما جرى في الماضي.
وعليه فإننا في حزب اليسار الاشتراكي الموحد نرى أن علاوة على أن التقرير يتضمن النتائج المفصلة للأبحاث والتحقيقات وتحليلا للملابسات والحيثيات المرتبطة بهذه الوقائع وكذا الجهات التي ارتكبتها، وضحايا هذه الإنتهاكات، وتأثير ذلك على المستوى الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي، فإنه في تقديرنا عليه أن يتمحور جزء كبير من مضمونه على الضمانات للحيلولة دون تكرار الماضي وتتمثل هذه الضمانات في:
1- الإصلاح السياسي والدستوري وتهيئة الظروف والشروط لإرساء دولة الحق والقانون والمواطنة بكافة الحقوق، وتحقق مدخل للتنمية الشاملة والمستدامة.
2- إرساء الأسس والضمانات القانونية لعدم الإفلات من العقاب والمساءلة من أجل الانتقال إلى الديمقراطية.
3- الإصلاح القضائي.
4- الإصلاح التربوي، وإعداد برامج للتربية على حقوق الإنسان والديمقراطية والمواطنة.
5- تقديم توصيات تهم الذاكرة وإعادة الاعتبار للضحايا والمجتمع.
6- الاعتذار العلني والرسمي للدولة.
خلاصة أساسية.
وحيث أن الكشف عن الحقيقة في الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقضايا ذات الصلة من جبر الضرر والتسوية العادلة والمنصفة للضحايا وشهداء الحركة الديمقراطية المغربية ومناضليها، وكذا الآليات القانونية والسياسية الكفيلة بالحيلولة دون تكرار ما جرى، هذه الغايات التي تتأطر ضمن إستراتيجية الحزب ونضاله السياسي من أجل الإصلاح السياسي والدستوري، فإننا في حزب اليسار الاشتراكي الموحد نرى ضرورة إجراء تحقيقات موضوعية، نزيهة وشاملة في كل الملفات والوقائع والشكاوي ذات الصلة وتحديد أسباب وظروف الإنتهاكات وكذلك مرتكبيه وضحاياه.